إن لم تمت بفيروس " كورونا ... ستموت من الفقر
نور ملحم
ما بين الحديث عن فيروس " كورونا" وعدد الإصابات في سوريا وعدد القادمين عبر الحدود غير الشرعية، ثمة ما يدعو للقلق يعيشهُ الشعب السوري، أزمات متتالية يمكن الحديث عنها ليس أولها الخبز والغاز والكهرباء والبطالة، بل الموضوع تمدى ليصل إلى الاقتصاد السوري وتأثيره على حياة المواطنين ومعيشتهم.
يعد الجانب الاقتصادي ذا مدلولات كبيرة يتابعها اليوم “عامة الناس” في سوريا، بدايةً من ارتفاع الأسعار والتي تعدت 200% وصولاً إلى المياه العكرة التي ما زالت تصل إلى معظم المنازل وكأنها ممزوجة بالتراب رغم تشديد الحكومة ضمن اجتماعاتها على أهمية تعقيم المياه وسحب وتحليل العينات لتفادي أزمة جديدة قد تحل علينا.
وهنا يبدأ السؤال المتداول ضمن الظروف الاستثنائية الراهنة، "كيف يعيش السوريون ضمن الفقر المحيط بهم".
لا يمكن كتابة ملامح حقيقية للمعاناة الاقتصادية التي يعيشها الشعب السوري اليوم، لا سيما وأن جزءاً كبيراً من السوريين فقدوا المسكن والعمل وربما المدخرات، وذلك نظراً لعدم توفر أرقام وبيانات دقيقة حول مستوى الدخل، والحاجات الأساسية الدنيا، ليبقى المشهد غائماً ضمن تهرب معظم المسؤولين من الإفصاح عن حجم الخسائر التي طالت الاقتصاد.
ساهمت الكثير من العوامل المتراكمة لوصول شريحة كبيرة من السوريين إلى ما تحت خط الفقر وذلك نتيجة الارتفاع الحاد في البطالة وانخفاض مستوى التشغيل والإنتاج إضافة إلى التضخم وانخفاض القدرة الشرائية لليرة، ومن هنا يمكن فهم الأسباب التي جعلت من خط الفقر السوري اليوم هو الأعلى عالمياً.
من الواضح أن الأسرة بالكاد تلبي أدنى حاجاتها من “غذاء، لباس، مسكن”، دون الحديث عن الدواء والتدفئة، والذي خرج من حسابات الكثير من الأسر.
وبات التأثير السلبي لارتفاع الأسعار يثقل السوري أكثر من قلق إصابته بالكورونا، وكأن الحرب العكسية باتت مضاعفة على المواطن فهو إن نجا من الحرب المستعرة في البلاد منذ تسع سنوات، فهو معرض لمضاعفات صحية من ارتفاع الأسعار أو من الإصابة بوباء القرن الذي لم يكن ينقص السوريين سواه.
وفي الوقت الذي ما زالت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تضع الخطط، غير مراعية الوضع الصحي في البلاد، حيث تنتشر صور لطوابير من الناس يتجمعون أمام المؤسسات للحصول على المواد الغذائية الأساسية كالرز والزيت والسكر أو الخبز.
وجاء اليوم قرار الحظر الكلي لأهالي الريف عن المدينة ليكمل مسلسل الفقر حيث فقد معظم السوريين رزقهم، لذلك سيكون الحل الوحيد أمامهم التقشف أو اللجوء إلى غذاء بأقل جودة، كذلك ملابس مستعملة، ولعل بعض الحوالات الخارجية التي كانت تصل مثل هذه الأسر تساعد على سد نسبة مقبولة من الفجوة بين الدخل والمطلوب للعيش على خط الفقر.
خطط حكومية متتالية ... قرارات مسائية ونهارية ... تصريحات متناقضة ... لتبقى الحلقة مفقودة ما بين الشعب والحكومة ... وليبقى شعار خليك _ بالبيت هو المتداول علة رب العالمين ينقذ السوريين هذه المرة مثلما أنقذهم في السابق ؟!
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: