لو كان الفقر رجلاً لقطعت رأسه بسيفي!
نور ملحم
لو كان الأمر متعلقاً بي فقط لما ترددت أبداً، لكن عندما يصل الأمر لرؤية أولادي يتضورون جوعاً، كوني على ثقة بأنني على استعداد أن أقتل أو أسرق، نعم أن أكون مجرماً، فلا أصعب من أب يعجز عن إطعام أطفاله ... يقول رجل يقف في الطابور أمام الفرن هذه الكلمات، ليتركني متعجبة عاجزة عن الإجابة إلا بعبارة “الله يفرج”، وهي العبارة التي نستخدمها عندما لا تسعفنا الكلمات بالعثور على أجوبة شافية.
ربما التعبير عن وضع هذا الرجل وغيره الكثير من السوريين يكاد يكون مهمة صعبة جداً في ظل ضغوطاً اقتصادية ومعيشية ونفسية واجتماعية .
لا يختلف اثنان على أن ما تعيشه البلاد اليوم هو الأسوأ على الإطلاق، والتململ الذي كان يكتمه الخوف في الصدور بات يخرج بشكل كلمات هامسة في الأحاديث العائلية والجلسات المغلقة، ولكن لم ينجح الخوف في كبح جماحه فأصبحت تلك الهمسات تنتشر رويداً رويداً في أرجاء البلاد حتى باتت حديث الشارع وسيارات الأجرة والمحلات والمقاهي والمؤسسات الحكومية وغيرها.
فالعديد أجبر أطفاله على تناول وجبة واحدة في اليوم لعدم قدرته على شراء ما يكفي من الطعام، والكثير من الشباب أغلقوا باب التعليم وأحلامهم البسيطة واتجهوا للعمل لإعالة أسرهم، والبعض يذهب إلى المدرسة ولكن دون حقائب أو لباس نظامي أو حتى أحذية جديدة تقيهم من برد الشتاء القادم لأن أسعارها تضاعفت بشكل جنوني.
في الماضي كان يلجأ السوريون ذوو الدخل المحدود إلى الدجاج بدلاً من اللحم الأحمر في كثيرٍ من طعامهم اليومي، نظراً لأن أسعاره كانت إلى حدٍّ ما في المتناول، لكن بعد هذا الارتفاع في أسعار اللحمة والفروج، بات الناس مجبرين على التخلي عن الكثير من وجباتهم التي تحتاج إلى اللحم، والاستعاضة عنها بالطعام الذي يحتوي على الخضار فقط، أو تحويل بعض الطبخات كالبامية والفاصولياء والفول والبازلاء إلى وجبات تؤكل بالخبز تجنباً لاستخدام اللحم، عند الضرورة تجري الاستعانة ببودرة مرق الفروج من أجل النكهة فقط، وفي بعض الأحيان يلجأ البعض لشراء العظم وطهيه من أجل النكهة أيضاً.
بات السوريون يعيشون حبيسي الدمار والخراب والفقر من جهة، والقوانين والمراسيم الجائرة للحكومة من جهةٍ ثانية. ولعلّ أول ما يتبادر إلى ذهنهم الحديث عنه حيال استحالة وصولهم إلى تحقيق حلم قول " ليتنا غادرنا البلاد منذ البداية ... فأمل أحتضر مع لصوص الداخل ... وليصدق قول الإمام علي بن أبي طالب " لو كان الفقر رجلاً لقطعت رأسه بسيفي "
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: