كورونا في الدول العربية وإيران... اللقاحات لم تغطِ بعد 4% من السكان !
عشتار محمود
تختلف دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في أوضاعها المعيشية وفي تصنيفاتها الاقتصادية من حيث مستويات الدخل، ولكن المنطقة التي يتم التعامل معها كإقليم في المؤسسات الدولية متشابكة في العلاقات الاقتصادية إلى حد بعيد، والأزمة الاقتصادية التي بدأت معالمها في 2019 وامتدت عبر أزمة النفط ومن ثم أزمة كورونا تنبئ بمزيد من التراجع الاقتصادي في جميع الدول، وتحديداً أن أفق تجاوز الوباء وانتشار اللقاحات لا يبدو قريباً.
الديون 54% من ناتج الدول العربية وإيران
تشير تقديرات البنك الدولي حول آفاق عام 2021 في المنطقة إلى وضع غير مبشّر كثيراً، فعملياً يرتفع مستوى الديون والتحديات المالية بمستوى قياسي في مجموعة الدول العربية بالإضافة إلى إيران، ومن المتوقع أن يرتفع بالمتوسط من نسبة 45% من ناتج هذه الدول السنوي إلى نسبة 54% لتغطي الديون أكثر من نصف الناتج وتصل إلى رقم يفوق 1.5 تريليون دولار!
العبء الأكبر للديون هو في الدول المستوردة للنفط وأهمها مصر، حيث وسطي نسبة الديون إلى الناتج تصل إلى 96%. وهذه الديون المتراكمة لا يبدو أنها قابلة للتراجع نتيجة اتساع الاستحقاقات وتحديداً خطط الإنقاذ الاجتماعي الضرورية في ظل وصول عدد الفقراء في المنطقة إلى 197 مليون نسمة وتوسع مستويات البطالة، إضافة إلى الحاجة لمزيد من الإنفاق لمواجهة أزمة الوباء.
يضاف إلى ذلك النفقات الحكومية المتمثلة في وصول خدمات الديون والفوائد إلى نسبة 10-30% من مجمل الإنفاق الحكومي لهذه الدول، حيث معظم هذه الدول تعتبر غير موثوقة مالياً وتفرض عليها أسعار فائدة أعلى من المستوى العالمي، باستثناء دول الخليج.
نسبة الإصابات والقدرة على إجراء الاختبارات
إن هذه الأزمات المالية والديون المتراكمة خلال عام 2020 لم تترافق مع انتشار اللقاح واتساع مواجهة الوباء وزيادة الخدمات الصحية في هذه الدول. حيث وفق منظمة الصحة العالمية فإن معظم دول المنطقة تسجّل نسبة إصابات إلى السكان أعلى من النسبة المرتفعة التي تقدّرها المنظمة بمعدل 5% وهي لا تتراجع.
والنسبة الأعلى للإصابات الإيجابية من مجمل الاختبارات التي أجريت تسجّل في تونس حيث 23% من الاختبارات أتت إيجابية حتى آذار 2021، تليها ليبيا بنسبة 18%، وإيران بنسبة 15% تقريباً.
ولكن بطبيعة الحال قد تكون نسبة الإصابات أعلى في دول أخرى لا تعلن عدد الاختبارات التي تجريها، وتعلن فقط عدد قليل من الإصابات المسجّلة رسمياً، كما في مصر وسوريا والجزائر.
الدول التي أجرت أكبر عدد من الاختبارات هي دول الخليج فالإمارات مثلاً أجرت اختبارات بما يقارب أكثر من 3.5 ضعف عدد سكانها ونسبة 350%، والبحرين بعدد يقارب 195% من سكانها، بينما أجرت قطر اختبارات بنسبة 60% من السكان، السعودية 41%، الأردن 53%، لبنان 49%... بينما النسبة أقل من 20% في معظم الدول الأخرى.
20 مليون لقاح حتى الآن لأكثر من 500 مليون نسمة!
أخيراً والأهم هو اللقاحات... حيث يبدو المسار غائماً، فمعظم دول المنطقة لم تبدأ عمليات تطعيم جدية بعد، وبالمجمل حتى نهاية آذار 2021 فإن عدد جرعات اللقاح الموزعة في دول المنطقة لم يتجاوز 20 مليون جرعة، ونسبة 86% منها موزعة على ثلاث دول: الإمارات 7.3 مليون جرعة (حيث لقحّت الغمارات نسبة 74% من عدد سكانها) بالتعاون مع الصين ولقاح سينوفارم إضافة إلى لقاحات من شركة فايزر. أما في المرتبة الثانية فيأتي المغرب بحوالي 6.69 مليون جرعة لقاح ونسبة 18% من السكان أيضاً من سينوفارم الصينية وأسترازينيكا البريطاني، أما ثالثاً فتأتي السعودية بحوالي 3.2 مليون جرعة لقاح وأقل من 10% من سكانها بلقاح فايزر، بينما لقحّت قطر 20% من سكانها وبعدد جرعات يقارب 590 ألف جرعة من فايزر وموديرنا.
أما باقي الدول التي أعطت جرعات لقاح لسكانها فلم تتعدى النسبة 2%، وسجلت كل من الأردن والجزائر إعطاء جرعات بما يزيد على 270 ألف في كل منهما. بينما لم يسجل إعطاء لقاحات إلا من التبرعات وبأعداد قليلة جداً في كل من: العراق وسوريا ومصر وليبيا وتونس واليمن. حيث الرقم المسجّل في مصر 1315 جرعة حتى نهاية شهر 1-2021، وفي سوريا 5000 جرعة مساعدة.
على الرغم من العدد القليل من الجرعات المعطاة، إلا أن العديد من الدول أعلنت عن تعاقدها على توريد لقاحات... بينما البعض لم يعلن أو لم يتعاقد بعد كما في سوريا.
وبالمجمل فإن التعاقدات أو الحصص من منصة كوفكس العالمية التي تديرها منظمة الصحة تشير إلى المنطقة قد حجزت ما يقارب 139 مليون جرعة لقاح. وأكبر العقود في المغرب التي حجزت 65 مليون جرعة، ومصر 40 مليون، ولبنان وتونس بـ 2 مليون جرعة لكل منها.
وهذه التوريدات المحجوزة قد لا تصل بالضرورة في 2021، وهي حتى بوصولها تغطي نسبة 26% من التعداد السكاني المقدّر لدول المنطقة... أما كميات اللقاح التي أعطيت بالفعل فلا تغطي إلا 4% من سكان المنطقة ومتراكزة في دول محددة فقط!
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: