هل تتكرر تجربة العراق في سوريا اليوم.. ؟!
نور ملحم
اصطف السوريون في طوابير طويلة أمام المخابز للحصول على الخبز المدعم، ووقفوا في محطات الوقود لساعات طويلة، واشتكى السكان من أسوأ أزمة غذاء ودواء ووقود في بلادهم.
في المقابل يتساءل مراقبون هل هذه الكوارث ستجعل من سوريا بلد مشابه للعراق في التسعينات بعدما تم فرض عقوبات اقتصادية على نظام "صدام حسين"، وما نتج عنها من مجاعة وموت أطفال.
المقارنة مقلقة لتحديد ما إذا كانت العقوبات قاسية في سوريا مثلما كان الأمر في العراق قبل عقدين، حيث سجل رحيل نصف مليون طفل جراء العقوبات التي قادتها الولايات المتحدة.
فقانون قيصر، الذي يفرض عقوبات على سوريا ويلاحق الأفراد والشركات التي تموله، اضطر إلى إجبار الحكومة على تغيير سلوكها تجاه شعبها، الذي يتعرض لأسوأ أزمة إنسانية نتيجة القرارات غير الواضحة والبعيدة كل البعد عن واقع الأسواق والأجور.
يقول برنامج الغذاء العالمي إن «نحو 9.3 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهو عدد يعكس زيادة قدرها 1.4 مليون نسمة في الأشهر الأولى من هذه السنة، حيث عيش أكثر من 80 % من السكان الآن تحت خط الفقر، ونتيجة عدم قدرتهم على تغطية نفقاتهم ارتفعت الجريمة، وتفشت عصابات تهريب البضائع والأسلحة والمخدرات، وعادت عمليات الاختطاف والابتزاز من أجل الحصول على فدية في عدة أجزاء من البلاد».
في الماضي كانت قصص الفقر التي ترويها لنا الجدة تتمثل في أرملة ربت أبناءها على البرغل كطبق يومي، اليوم أصبح هذا الطبق يكلف اليوم أسرة مكونة من خمسة أفراد حوالي ربع راتب موظف لشهر، كذلك قصص الأمهات اللواتي أطعمن أبناءهم الماء والسكر على أنه مربى المشمش لا تتطابق مع الواقع الحالي، لأن السكر اليوم لم يعد متاحاً للجميع.
حتى الأمثال الشعبية المتداولة عن التقشف والصبر والجوع فقدت مغزاها، فالمثل الشعبي القائل: «إذا فاتك الضاني عليك بالحمصاني"، كناية عن أكل الحمص في غياب اللحم، لم يعد مثلاً واقعياً، باعتبار أن البقوليات لم تعد حبوباً رخيصة، وأطباق مثل " المسبحة" و"الفلافل" لم تعد "وجبات شعبية" بعد اليوم».
أصبح سقف التفكير للسوري اليوم محصوراً في تأمين وجبة اليوم، أو البحث عن أنواع أرخص ثمناً، ضمن بورصة الأسعار، تستوجب أثماناً ترتفع يوماً تلو الآخر لتصل في أقصى درجاتها قتامة، إلى تفكير الإنسان في بيع كليته أو بيع نفسه بهدف أن يبقى طفله أو طفلته على قيد الحياة ولا يكون مصيرهم الموت من الجوع كما حدث لمعظم أطفال العراق.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: