Saturday June 7, 2025     
00
:
00
:
00
  • Street journal

ريف اللاذقية الشمالي : "جرح الجبل" هذه آياتنا فاقرأ !

ريف اللاذقية الشمالي : "جرح الجبل" هذه آياتنا فاقرأ !

رماح زوان

وأنتَ تقرَأ أسماء قرى (أبو مكة - البلاطة - أوبين -الحمبوشية -انباته - وطى عرامو - استربة - بارودة - بيت الشكوحي - بلوطة) يمرّ في ذاكرتك ذلك اليوم الأسود الذي يُصادف اليوم "الرابع من شهر آب"، الذي استشهد فيه ذبحاً أكثر من مئتين من أهالي تلك القرى في إحدى أشنع وأفظع المجازر التي عرفتها الحرب على سورية.

حفر يوم الرابع من آب ذكريات سوداء في ذاكرة السوريين عامةً وأهل اللاذقية خاصة حيث وقعت المجزرة المروّعة بحق المدنيين في قرى ريف اللاذقية الشمالي، حيث شنت جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في بلاد الشام) هجومها انطلاقاً من جبلي الأكراد والتركمان باتجاه القرى الآمنة في ريف صلنفة يوم الرابع من شهر آب عام 2013 .

وبدأ الهجوم مع طلوع الفجر بقصفٍ صاروخي عنيف على مراصد الجيش في التلال المحيطة، فيما اقتصر سلاح الأهالي على بضعة بنادق مخصصة للصيد، الأمر الذي سهّل على المسلحين مباغتة الآمنين والوصول إليهم بسرعة ومحاصرتهم، والعمد إلى ذبحهم بالأسلحة البيضاء أمام عيون ذويهم، حتى لم تسلم منهم النساء الحوامل وذوي الاحتياجات الخاصة، فضلاً عن حرقهم الممتلكات والمنازل وإتلاف وحرق المحاصيل والأراضي الزراعية، وقتل حيوانات التربية من أبقار وأغنام.

واستطاع عدد من الأهالي عند سماعهم "تكبيرات مقاتلي النصرة" الاختباء في الأحراش والأودية لأيام حتى تقدم الجيش العربي السوري إلى المنطقة وتأمين مارتبقى المدنيين وتحرير المنطقة لاحقاً مضحياً بالأرواح والدماء. 

وقُدِّر عدد الشهداء يومها بأكثر من 200 شهيد و136 مخطوف من النساء والأطفال، حتى تحرير حوالي مئة منهم بعمليات وبادل نفذتها الدولة السورية على دفعات، في حين بقي حوالي 30 مخطوف لم يعرف عنهم شيء من بينهم الشيخ بدر وهيب غزال الذي كان يحيي ليلة القدر في المنطقة يوم المجزرة.

هذا ريف اللاذقية وهؤلاء أبناء الجبل الذين لم تَخلُ ساحة معركة على امتداد الجغرافية السورية إلا وكان لهم شهيداً بطلاً فيها .. وهؤلاء أهاليهم الشهداء الذين لم يُجرَ حتّى تحليل DNA لجثامينهم كي تُميَّز الجثامين عن بعضها، لتسجَّل الأضرحة باسم "شهيد مجهول" فَيقرأ المرء الفاتحة على روح أحد الشهداء ولا يعلم إذا كان هذا الشهيد أبيه أو أخيه أو ربما أمّه .

قدرُ الجبل أن يكون شاهقاً في العلو، تلطمه الرياح والعواصف من كل صوب، لكنٍّ يأبى إلا أن يتحدى مصيره ويتجاوز المحن، لتعصر حبّات زيتونه زيتاً لونه في النظر أخضر، لكنه في الحقيقة سُقي بالأحمر القانئ ليكون خيراً، وتنبت أشجاره المحروقة من جديد، مثلها مثل الأطفال الذي عادوا لمدرستهم والشبان الذين ما توقفوا يوماً عن خدمة وطنهم. وبتصرف من الشاعر الراحل محمود درويش : هذه آياتنا فاقرأ باسم الجبل الذي خلق من موته أُفق!

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: