"جدران تنطق جمالاً" في اللاذقية

رماح زوان
لم يلزم الأمر سوى ريشة وألوان ممزوجة بالإرادة وكثير من الحب كي تصبح عدة أدراج وجدران في حي شعبي بسيط باللاذقية حديثَ بلاد أثقلتها صور الحرب وأخبار الأزمات في صباحاتها، والتي تحوّلت اليوم إلى ملونة بعد أن اختار عدة شباب وشابات الرسم وسيلة لصبغها بالجمال.
لا سبيل للجمال سوى أن ينتصر، مبدأ يؤمن فيه كل من يعمل في جمعية "ارسم حلمي" الفنية التطوعية التي انطلقت قبل أكثر من ثمانية أعوام وكانت نتيجة لعمل طويل مع أطفال ويافعين في مدارس المحافظة بمجالات الفنون التشكيلية، حيث بدأت كمجموعة مهتمة بالثقافة الفنية التشكيلية، مؤلفة من فنانين تشكيليين وأشخاص مهتمين بالفنون مع أهالي الأطفال واليافعين المستفيدين من دورات سابقة في مجال الرسم والنحت، إذ كان الجميع مؤمن بأهمية الفنون ودورها بالنهوض بالمجتمع ودعم الناس نفسياً من خلال رفع الذائقة البصرية.
إحدى أهم نشاطات الجمعية كانت حملة "حيطانا بتحكي" التي بدأت بالرسم على جدران المستوصف في منطقة بسنادا "مقر الجمعية"، من مبدأ أن أي عمل يجب ينطلق من الدائرة الأولى في محيط الجمعية، ثم انتقلت للرسم على جدران غرف الأطفال في مشفى التوليد والأطفال باللاذقية، وبعدها عادت للرسم على أدراج وجدران في بسنادا مستغلين وجود الأدراج الطويلة التي تحرّض على الفعل الجمالي، وتم اختيار لوحات عالمية لفنانين عالميين تركوا بصمة في تاريخ الفن مثل "فاسيلي كاندنسكي، فنسنت فان كوخ، غوستاف كليمت" للأدراج، وللجداريات اختير "بابلو بيكاسو، وسلفادور دالي، وهنري ماتيس" وكان الهدف التعريف بهؤلاء الفنانين وتسليط الضوء على لوحات هامة جداً بالإضافة للقيمة الجمالية التي أضفتها اللوحات المختارة على الادراج "دوائر كاندنسكي، ليلة مقمرة، القبلة، غرنيكا...الخ."، فلم يعد الدرج أو الجدار مجرد اسمنت جامد، أحد سكان الحي قال لجريدتنا «لم ينقص هذه الجدران والأدراج سوى أن تنطق من شدة جمالها بعد عمل متطوعي الجمعية».
أن تصبح سوريا كلها ملونة بالجمال هو هدف الجمعية حسب وصف رئيستها "هيام سليمان"، موضحة أنّ «البداية من حي شعبي لتصل إلى كل المحافظات السورية، وتضيف هيام يتألف الفريق من 20 شاب وفتاة معظمهم بالمرحلة الجامعية وبعضهم خريج كلية الفنون الجميلة والبعض لازال طالبا فيها وبعضهم هاوي للفنون الجميلة بينما يدرس في اختصاصات مختلفة كالطب والصيدلة والجغرافية ومعلم صف ورياض أطفال ...الخ، لكنهم جميعاً على مستوى عالٍ في مجال الرسم».
وعن حملة "حيطانا بتحكي" قالت هيام إنه «تم فتح باب التطوع للعمل ضمن ثالث نشاط للحملة وفوجئنا بالإقبال الكبير، لكننا للأسف لم نستطع ضم إلا المتطوعين الذين لديهم خبرات سابقة في مجال الرسم بسبب صعوبة اللوحات المرسومة، بالإضافة لاختيار الأشخاص الأكثر تفرغا لأن الحملة امتدت لمدة 3 أشهر وكانت عدد ساعات العمل تتجاوز الـ6 ساعات يوميا ببعض الأحيان، علماً أن الجمعية ترحب دائماً بالمتطوعين القادرين على دعم الحملة بخبراتهم بالفنون التشكيلية».
لم تنجح حملة حيطانا بتحكي التي لوّنت الأدراج والجدران في "بسنادا" لولا دعم وتبرع بعض أبناء الحي الذين آمنوا بالفكرة وعملوا على إنجاحها بكل الوسائل المادية وغيرها، تقول رئيسة الجمعية تتمنى أن نجد في كل حي من أحياء اللاذقية من يسعى لدعم نشاطات الرسم والألوان للوصول إلى مدينة تغطيها الألوان والرسومات، مؤكدة أن أهالي وأطفال بسنادا كانوا خير مثال على الدعم والمساعدة من خلال تلوين أدراج فرعية بألوان زاهية بإشراف احد المتطوعين من فريق الحملة.
كما لفتت "هيام سليمان" إلى أن متطوعي الجملة جاهزون لتقديم جهدهم وخبراتهم ووقتهم لتصبح مدننا أجمل، في حال وجد ممولين للعمل في أي منطقة أو محافظة، موضحة أننا قادرون على خلق الجمال والفرح وسط كل ما يعيشه المواطن السوري من أزمات.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: