Saturday June 7, 2025     
00
:
00
:
00
  • Street journal

نجوا من الحرب ولكن..

نجوا من الحرب ولكن..

انتهى صيف الحرب في الكثير من المناطق وبدأ الشتاء الذي اعتدنا الاستبشار فيه خيراً ورزقاً وربط اسم الشتاء في ذاكرتنا بمشهد اجتماع العائلة حول مدفأة، مشهد لا يمكن تخيله إلا مجتمعاً مع الضحكات واستغلال نار المدفأة في شواء الكستناء أو تسخين الماء إلا هذا الشتاء! 

قسوته الذي حولت كل خير عهدنا فيه إلى بوم لا ينذر إلا بالخراب، فمع كل خبر ينذر بعاصفة.. ثلج أو مطر أو حتى هواء بات يرتبط بمشاهد موت كل منها له مرارته الخاصة، هناك ثلج غدا سيصحو والدان ويجدوا رضيعتهم تجمدت.. مطر هناك سقف يذرف الماء على أهله.. هواء يقتلع خيمة كان ترد بعض البرد عمن بداخلها.

هذا الشتاء مسح من ذاكرتنا مشهد طفل فرح بسقوط حبات المطر.. وأضاف إليها صورة احتراق رضيعة لم تدر أن هذا الدفء الذي تنعم به سيتحول لجهنم تأكل جسدها.. وضع صورتها إلى جانب صورة سبعة أطفال آخرين احترقوا بنفس السبب وحرق قلب والدين عادوا إلى منزل متفحم مع أرواح أطفالهم.

مشاهد الموت لم تتوقف أخبارها على مدار هذا الفصل فحصدت من الأرواح ما حصدته خنقاً وحرقاً وتجمد والمسلسل مستمر بشراسة تفوق الحرب لا ترحم صغير أو كبير ولا تفرق بين منطقة وأخرى.

آخر ضحايا الماس الكهربائي كانت طفلة رضيعة لم تكمل النصف الأول من عامها الأول، هبة الله ولدت في حمص بعد أن انتهت الحرب فلم تكن تعلم ما حدث فيها، تفحم جسد هبة الغض ضحية ماس كهربائي.

الـ 70 عاماً التي عاشها في سوريا مسن في منطقة المهاجرين، شهد خلالها الكثير من الحروب التي مرت على البلاد كانت وفاته اختناقاً على يد غاز مدفأته، الغاز ذاته سبق وتسبب بقتل عائلة كاملة في حلب.

رداءة المدافئ.. والكهرباء.. والمحروقات باتت سلاحاً جديداً يفتك بمن نجوا من الحرب ولكن لم ينجوا من أسلحة الحياة السورية، ودفع ضريبة رداءة الخدمات فيها بعملة الأرواح.

 

المصدر: رصد

شارك المقال: