نجوم الدراما.. من «بوستاتهم» تعرفونهم
بديع صنيج
إذا كانت الحكمة اليونانية القديمة التي قالها سقراط: «تكلَّم كي أراك» تُبرز قوة الكلمة في التعريف عن الذات، فإنها تتيح لنا حتى الآن مفاتيح كثيرة لمعرفة النَّاس على اختلاف مشاربهم من خلال كلامهم فقط. وإن كانت الكتابة تجسيداً لأفكار قائلها، يصبح ما يكتبه البشر بمثابة طريق يقودنا إليهم، ويتيح لنا الفرصة لتصفُّح ما يجول في خواطرهم، فضلاً عن القدرة على تلمُّس مشاعرهم، ومن ذلك ما تخطُّه أناملهم عند الإجابة على سؤال: «بماذا تُفكِّر؟» على حساباتهم الزرقاء.
الفنان أيمن زيدان كتب مؤخراً: «المرأة في الحرب السورية المجنونة كانت أيقونة صبر ونبل.. شهيدة حيّة نثرت في دروب الحياة المدمّاة بذرات أمل للقادم.. كانت الأم المفجوعة والأرملة الثكلى والأخت الموجوعة والابنة اليتيمة.. من أجل كل هؤلاء كان فيلم أمينه»، من هذه العبارات نستشف كيف يُرتِّب "زيدان" أفكاره، ولمن يُعطي الأولوية في هذا الزمن القاسي، إذ يرى ضرورة تقديس المرأة، وجعلها أيقونة، لاسيما أنه في الفترة الأخيرة ازداد تعلُّقاً بوالدته التي دافعت عن أحلامه منذ بداية طريقه الفني كما صرَّح ضمن برنامج "في أمل" مؤخراً، والجميل أيضاً هو قدرة بطل "نهاية رجل شجاع" على ترجمة أفكاره بجزالة الأديب، ولو كان ما كتبه مجرد إعلانٍ عن تجربته الإخراجية الأولى في السينما الروائية الطويلة، الذي سيُعرض للمرة الأولى يوم السبت في السابع والعشرين من شهر تشرين الأول الجاري، فهو إلى جانب كونه ممثلاً ومُخرجاً مسرحياً وسينمائياً نشر إلى الآن مجموعتين قصصيتين كان آخرهما مجموعته "تفاصيل"، فضلاً عن اهتمامه بالفن التشكيلي الذي جعله يكتب بعدما أهداه الفنان "سهيل بدور" إحدى لوحاته: «الأزرق والقمر والأحمر.. مفردات شكّل منها هذا المبدع كيانات ولوحات مغمّسة بالصدق.. إلى ذلك الفارس النبيل المتوحِّد مع سمكة عطاء تغمر العالم القاسي بولادة جديدة.. لأملٍ مسروق من وجع الفرسان.. مني لفنان معجون بالأصالة كل الحب.. لوحتك قمرٌ يضيء ليلي الحالك.. دمت يا صديقي كما أنت.. رائعاً ونقياً».
وكما لبعض نجوم درامانا اهتمامات أدبية وفنية أخرى، هناك من يُمكِن وصفه بالمتابع الشَّرس لأدق التفاصيل السياسية التي تمس سوريا من قريب أو بعيد، ومنهم الفنان "معن عبد الحق"، المميز بتعليقاته الساخرة، والتي تعكس بشكل لا يدع مجالاً للشك، أن قدرته على أداء الأدوار الكوميديا نابعة عن حسٍّ عميق يمتلكه، ومن خلاله يقوم بتحويل الخبر السياسي الجامد إلى عبارات تهكمية، كذلك الذي كتبه مؤخراً عن مقتل الخاشقجي «دعا مفتي المملكة إلى التماس رؤية "لوزات" الخاشقجي هذه الليلة»، وفي الموضوع ذاته دوَّن على حسابه الفيسبوكي «كان منسجماً مع مقطوعة موسيقية كلاسيكية عالمية يحبها "الفصول الأربعة".. عندما بدأت يده تتحرك لا إرادياً، جيئة وذهاباً، ظنّ أنّ بيده عصا آلة كمان، وراحَ يُقطّع الجثّة.. على النوتة».
مواهب أخرى تبديها بعض الممثلات السوريات يُمكِن تلخيصها بـ"الحنين" ولا شيء آخر، فبعد أن باتت الفنانة "جيني إسبر" ماركة مسجَّلة في الجذب التلفزيوني وبهاء الطَّلة منذ أول ظهور لها في الإعلانات التلفزيونية تسعينات القرن الماضي وحتى الآن، نراها في الفترة الأخيرة تحنّ إلى ذاك الدَّور الترويجي الذي لعبته في بداية مسيرتها الفنية، لذا حوَّلت صفحتها إلى مساحة إعلانية لمنتج "فيتال سبرينغ" الذي يُعنى بالشعر وباتت هي نجمته الدعائية، فضلاً عن حزّورة اللون الأخضر لعدسات "Jenny Esber"، وما هي اسم الشخصية الهندية التي سُمِّيَت باسمها تلك العدسات، لنكتشف أن سر الحكاية هي النجمة الهندية "آشوريا راي" التي تميزت بعينيها الخضراوين.
للحنين أشكال أخرى أبدتها الفنانة "رنا شميس" على صفحتها، فعندما لا تجد ما تقوله، أو لا تملك صورة مميزة لإحدى الشخصيات الجديدة التي تُجسِّدها في الدراما السورية، فإنها تقوم بإعادة نشر ذكرياتها الفيسبوكية كنوع من التعويض، والمُتصفِّح لحسابها سيلتقيها مع الفنانة "سلافة فواخرجي" في صورة مشتركة قالت عنها «مع الرقي والجمال.. كل الحب والاحترام»، وفي أخرى مع "فايا يونان" علَّقت عليها بالقول: «أطيب وأبرأ قلب في الدنيا».
الاعتراف بالآخر هو ميزة سنلتقطها مع الفنان "قاسم ملحو" الذي كتب عن زميلته "أمل عرفة" في مسلسلها "سايكو" الذي بدأ عرضه مؤخراً على قناة "لنا": «أمل عرفة تقدم لنا وجبة دسمة بفن التمثيل عبر لعبها لخمس شخصيات تؤديها مع كل هذا التبني في مسلسل سايكو، على عكس البعض من الممثلين المشتغلين في هذا العمل حيث لا بحث أو تَبَنّي، وإن وجد فهو برّاني ومليء باستعارات غير مقنعة».
ومثلما يرى "ملحو" نفسه في الآخر حيناً، فإنه يقفز إلى الضفة الأخرى مُقتنعاً بمقولة "جان بول سارتر" الشهيرة "الجحيم هو الآخرون"، إذ علَّق على وفاة الفنان "توفيق العشا" بالقول: «فجأة صار للمرحوم الفنان توفيق العشا كل هؤلاء المحبين من الوسط الفني.. يا رب ترحمنا أحياء قبل مماتنا».
وهناك أيضاً "الأنا المُتضخِّمة" لبعض ممثلي الدراما السوريين، و"الانغلاق على الذات"، وأحياناً هناك "الفنانة الموديل"، والممثل المقتنع بمقولة "شوفوني ما أحلاني" وغير ذلك الكثير في قادم الأيام.
بواسطة :
شارك المقال: