Sunday April 20, 2025     
00
:
00
:
00
  • Street journal

دير الزّور قصّة عبور مدينة.. من الموت إلى الشّوق

دير الزّور قصّة عبور مدينة.. من الموت إلى الشّوق

أفرورا عيسى

 

محافظة دير الزّور ثاني أكبر المحافظات السّورية من حيث المساحة بعد محافظة حمص، تقع شرقيّ سوريّا على بعد نحو 450 كم شمال شرق العاصمة "دمشق"، يقسمها نهر الفرات لـ"قسمين"، وأغلب أحيائها تقع على الضفّة الغربيّة من النّهر.

اختلف المؤرّخون في أصل تسميتها، فمنهم من قال إنها "دير الرمّان" لكثرة الرّمان فيها، ومنهم من قال إنّه اسم مركّب من "دير" وهو مكان تعبّد الرّهبان، و"الزّور" وهي الأرض المنخفضة المجاورة لمجرى النهر.

وكما هو معروف فإنّ حقول النّفط والغاز الأكثر غزارة في سوريا تقع ضمن أراضي المحافظة، اشتهر أهلها قديما بالزراعة نظراً لمرور نهر الفرات ضمن أراضيها ممّا وفّر المياه الضّروريّة للزّراعة، و اشتهرت أيضاً بالتّجارة لوقوعها على طريق القوافل التجاريّة التي كانت عبر التّاريخ وسيلة تبادلٍ تجاريّ بين مدن العالم القديم انتشرت فيها الصّناعات الحديثة المعتمدة على المواد الأوليّة الّتي توفّرها ضواحيها، وكثرت فيها معامل متنوّعة الإنتاج و حافظت على أسواقها التقليديّة القديمة ذات السّقوف المقوّسة والمغطّاة بالحجارة، مثل سوق الحبوب وسوق الهال وسوق التّجار وسوق الحدادة وسوق الخشّابين (النجارين) وسوق النّحّاسين وسوق الصّاغة، وغيرها بعد رحى الحرب الموجعة الّتي دارت في شوارعها وزرعت الجوع والأمراض في أغلب منازلها وحصدت أرواحاً كثيرة.

تقدّم الجيش السّوريّ معلناً تحرير المدينة وفكّ الحصار الخانق عن أهلها وحاميتها، حُسم الأمر وعادت هذه المدينة الهامّة والعريقة إلى سيطرة الدولة السوريّة.

"أبو محمّد" الرجل الستّيني يجلس على حافّة الطّريق ويداه تشدّان بقوّة على ربطة خبز، يتحدث بصوت خافت لجريدتنا عن وجع الحصار قائلاً «كانت أيّام صعبة لا كهرباء ولا طعام، فقط صوت الرّصاص والقذائف ورائحة الدّم والبارود.. لم أعد اتذكّر كم من الأشخاص فقدنا».

الوجع واحد في كلا طرفي الفرات حيث الدّمار والخطر الّذي مازال قائماً من قذائف قوّات حماية الأكراد والمدعومة أمريكيّاً بشكلٍ علنيّ، والّتي تستهدف الأحياء المحرّرة، والموجودة في الطّرف المقابل لنهر الفرات.

لتبقى العبّارة الحديديّة الّتي تصل "غرب الفرات" بشرقه هي الوحيدة القادرة على كسر برودة النّهر لتكون هي المنفذ الوحيد للمدنيّين بالرّغم من الدّمار الكبير الّذي حلّ بـ"جسر السّياسيّة" و"الجسر المعلّق" التّاريخيّ.

«ماشفتي شو راح من هالجيش شباب روحوا شوفوا كيف ممكن يرجعوا اللي ماتوا»، جملة يتيمة هي ما نطقت بها "أم خلف" لترفض الكلام معنا بعدها غلّفتها بالكثير من الوجع ومحاولات بائسة لكتم دموعها.

جملة "أم خلف" وضعتنا أمام تساؤلات كثيرة فهل فعلاً انتصرت "دير الزّور" كغيرها من المناطق المحرّرة، وهل إعادة الإعمار ستكون قادرة على الرّجوع بسوريّا إلى ما كانت عليه سابقاً.

في الحرب حتّى لو انتصرت ميدانيّاً بها فأنت خاسر بعدد الأرواح، لتعبر المدينة من الموت إلى الشّوق عبر شلّال من الدماء، ولتبقى صور "الشهداء" راسخةً في أرواحنا، نحملها وجعا أصعب من حصار.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: