سوريات يبحثن عن الفرح في عيدهن
نسرين علاء الدين
يتندر السوريون عبر صفحات التواصل الاجتماعي حول شكل الهدية التي سيجلبونها في عيد الأم فأتت جرة الغاز على رأس القائمة يليها غالون من المازوت ومن ثم بطارية لليدات. لكنهم شطبوا من قوائمهم الزجاج وطناجر التيفال والضغط لأن أسعارها ارتفعت كثيرا ولم تعد ضمن القدرة الشرائية لعدد كبير من السوريين لتبقى الهدية تدور في فلك البيجامات وقمصان النوم وحقائب اليد مع اختلاف النوعية والسعر. وليبقى الورد من الأمور الغالية لكنها لم تغب كليا عن قائمة الهدايا.
نوارة غالي ربة منزل ولديها ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين ال15 سنة والعشر سنوات. تقول: قضيت يومين وأنا أنتظر الحصول على جرة غاز كي أتمكن من إعداد وجبة طعام دافئة لأولادي. الذين لم يتذوقوا الطبخ منذ أكثر من عشرة أيام. وأعتقد أن أفضل هدية ممكن تلقيها هي وجبة طعام دافئة ومنزل نظيف مرتب وكهرباء منتظمة وجرة غاز أو كم ليتر من المازوت. وتتابع كنت أعمل في تنظيف المنازل إلى جانب عمل زوجي كناطور وسط دمشق. لكن زوجي توفي قبل سبع سنوات وترك لي ثلاثة أطفال لا معيل لهم سواي. ووجدت نفسي معهم في الشارع لا يوجد منزل ننام فيه أو من يقدم لنا الطعام كما أن العديدين استغنوا عن خدماتنا. وتضيف لم أعد أكترث كثيرا للأعياد لكن أطفالي يطالبنني بالاحتفال كي يشعرون بالفرح، وأعتقد أن اليوم هو عيد حقيقي بالنسبة لهم حيث سيتمكنون من الاستحمام وتناول طعام دافئة بعد أن ملوا من الزيت والزعتر والفلافل.
لايف
تجهز أم اغيد سفرة العيد لأحفادها الذين يزورونها في هذا اليوم. وتقول: سافر أبنائي الأربعة إلى أوروبا ولم يتبق لدي سوى ابنة واحدة مع أبنائها الثلاثة، لذلك أحتفل معهم لكننا في الوقت نفسه نحاول أن نجتمع كل في البلد الذي يقيم فيه. ويتوزع أبنائي بين ألمانيا وهولندا. نقوم جميعا بتجهيز سفرة الاحتفال ونتصل بشكل جماعي عبر الانترنيت لنحتفل باللحظة ذاتها. وتضيف الاحتفال بهذه الطريقة لا يشبه الاجتماعات التي كنا نقوم بها من قبل لكنها تبقى بالنسبة لي أفضل من أن يأتي يوم ولا يكون أبنائي مجتمعين ولو افتراضيا.
يا عيد لا تعود
تجهز سميرة مزعل كعك العيد الذي اعتادت خبزه لأطفالها في الأعياد. كي توزعه في عيد الأم على عدد من منازل الايتام بعد أن فقدت في الحرب اثنان من أبنائها. تقول سميرة استشهد ابني الكبير قبل خمس سنوات وبعده بعام استشهد ابني الثاني ومنذ ذلك الوقت توقفت عن الاحتفال بالأعياد كلها. لكن عيد الأم هو العيد الوحيد الذي لم أتمكن من نسيانه خاصة أن أبنائي الأربعة كانوا في كل عام يحتفلون بي فلا طبيخ أو تتنظيفأو أي عمل في عيد الأم ، كانوا هم من يقومون بتلك الأعمال لكنهم كانوا يطلبون كعك العيد.
واليوم أحضر الكعك وأوزعه على منازل الأطفال الأيتام كي يشعروا بالفرح ويدعون لأولادي بالرحمة.
في النهاية أنتجت الحرب أمهات وحيدات فقدن أعز ما يملكن وهو أبنائهن ستشاهدوهن على الطرقات وقد اكتسح السواد أيامهن يواظبن على زيارة قبور أحبتهن، أو يجلسن ساعات طويلة يراقبن آخر ظهور لابن أو ابنة لم يعد بإمكانهن تلمس وجوههم إلا عبر شاشة الهاتف النقال. أو تراهن دائمات الإصغاء لمقبض الباب عله يفتح مصراعيه على غائب خرج ولم يعد.
ستجدهن منتظرات على طابور الغاز أو يتلقفن الخبز عبر كوة الفرن أو يقلبن الخضار علهن يوفرن بضع ليرات ليرسمن الفرح على وهوه أحبتهن.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: