عن ارتفاع أسعار الأسمدة ..
أثبتت الحكومة مؤخراً أنها فعلاً تدعم القطاع الزراعي 100%
وبما أنها اكتشفت أن أسعار الأسمدة منخفضة وتسبّب الخسارة للشركة الحكومية الوحيدة المنتجة لها في سورية فقد قرّرت رفع أسعار الأسمدة بنسب تتراوح بين 41% و100%!.
ربما الحكومة برفعها للأسعار تسعى إلى تشجيع المنتجين للتخلي عن الزراعات “السمادية” واستبدالها بالعضوية لأن منتجاتها تلقى قبولاً كبيراً جداً في الأسواق الخارجية..!.
ترى ماذا سيفعل الفلاح المقتدر مالياً إلى حدّ ما الذي سيشتري طن سماد السوبر فوسفات بمبلغ 304.8 آلاف ليرة وهو الذي كان يشتريه بالأمس القريب بمبلغ 151 ألف ليرة فقط..؟.
الجواب معروف: سيرفع أسعار السلع الزراعية التي سترتفع حتماً في الأسواق..!.
والنتيجة: المواطن المستهلك سيتحمّل وحده ارتفاع أسعار السلع الزراعية التي هي أصلاً مرتفعة حتى في عز مواسمها..!.
وبالتالي ستخرج من موائد الأسرة السورية سلع جديدة، أو سينخفض استهلاكها بما يتناسب مع دخلها المحدود جداً..!.
واللافت أن اتحاد الفلاحين المعنيّ الأول لم تكن له كلمة برفع أسعار الأسمدة وكأنّه غير موجود..!.
هو حتماً يعارض رفع أسعار أي مستلزمات أساسية للزراعة ولو بنسب قليلة، فكيف سيكون الحال إذا كانت النسبة لا تقل عن 40% في أنواع و100% لأنواع أخرى..!.
ويتوقّع اتحاد الفلاحين نتائج سلبية لرفع أسعار الأسمدة على القطاع الزراعي، لأن أثر هذا القرار سيكون شديد السوء على الفلاحين، لجهة ارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم قدرة الفلاحين على تحمّل هذه التكاليف، وخاصة بعد إضافة كلفة أسعار الأسمدة الجديدة إلى الكلف الأخيرة مثل المحروقات والمبيدات وتكاليف العمالة.. وغيرها، وهو الأمر الذي يسهم في تراجع رغبة الكثير من الفلاحين في مزاولة عملهم الزراعي والعزوف عن العمل، وبالتالي تراجع المعدلات..!.
لا ندري إن كان من اقترح رفع أسعار الأسمدة -هي وزارة المالية على الأرجح- يعرف أن صغار المزارعين الذين يشكّلون الأغلبية العظمى لا يملكون السيولة اللازمة لشراء الأسمدة بعد رفع أسعارها.. فماذا ستفعل الأسرة الفلاحية “المهدودة” مالياً..؟.
هل ستقترض من المصرف الزراعي أم من المرابين.. أم ستتخلى عن الزراعة نهائياً..؟.
لقد لاقى قرار الحكومة بإنتاج بدائل المستوردات ترحيباً من المنتجين والمصنعين، وقلنا وقتها: إن العودة إلى سياسة الاكتفاء الذاتي من السلع الزراعية وإنتاج فائض للتصدير هو الداعم الفعلي للاقتصاد السوري..
وانتظرنا قرارات تدعم هذا التوجه.. فماذا كانت النتيجة..؟.
ارتفاع أسعار المحروقات والمبيدات والأسمدة، والحبل على الجرار.. فهل هذه القرارات في مصلحة إنتاج بدائل المستوردات والعودة إلى شعار “الأولوية للقطاع الزراعي”..؟.
والأهم من كل ذلك.. هل تخدم قرارات رفع أسعار السلع الزراعية رفع معدلات الإنتاج، وتقليص فاتورة الاستيراد والأمن الغذائي للأسرة السورية..؟.
غالباً ستلجأ الأسرة الفلاحية التي ليس لها مصدر رزق سوى أرضها إلى الزراعة بلا “تسميد” ما يعني انخفاضاً حاداً جداً بحجم الإنتاج.. فهل هكذا تخطط الحكومة لدعم القطاع الزراعي..؟.
بالمختصر المفيد: إذا كان الهدف من رفع أسعار مستلزمات القطاع الزراعي زيادة السيولة التي هي الشغل الشاغل لوزارة المالية ولو على حساب الإنتاج، فإن الوجهة المستهدفة يجب أن تكون الحلقة الأقوى لا الأضعف أي الفلاح، وإنما كبار المكلفين الذين لا يسدّدون الضريبة نهائياً، وخاصة أن التقديرات تؤكد أن حجم التهرب الضريبي لا يقل عن 200 مليار ليرة سنوياً..!.
المصدر: رصد
بواسطة :
شارك المقال: