Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

سندات الخزينة في سوريا أداة لتحقيق الاستقرار النقدي والمالي

سندات الخزينة في سوريا أداة لتحقيق الاستقرار النقدي والمالي

د. مدين علي

طرحت وزارة المالية سندات خزينة، تم الاكتتاب عليها من قبل جميع البنوك الحكومية العاملة في سوريا (العقاري والتجاري والتوفير والصناعي والزراعي)، إضافة إلى بنك بيمو، وذلك بمبلغ إجمالي قارب حدود (150) مليار ل.س فازت فيه البنوك المذكورة أعلاه بنسب وأرقام متفاوتة، إلا أن الحصة الأكبر هي للبنوك الثلاث العقاري والتجاري والتوفير.

تعد سندات الخزينة أحد أهم مصادر التمويل وأدواته، التي تعتمدها عليها حكومات الدول، لتأمين الموارد المالية، اللازمة لتمويل برامج الإنفاق العام، تحديداً تمويل مشاريع الاستثمار وبرامج التنمية الإستراتيجية، التي يمكن أن تساعد بقوة في إنعاش الاقتصاد، وتحفيز النمو، وتوليد تحريض أو دفع اقتصادي في كل الاتجاهات، يساعد في تنشيط عجلة الاستثمار وتوظيف رؤوس الأموال، وتنشيط الطلب الكلي على الموارد الطبيعية والبشرية. ويندرج في مقدمة القطاعات الاستراتيجية التي يُفترض أن تموَل عن طريق هذه المصادر مشاريع قطاعات الطاقة والنقل بكل أنواعه (البري والبحري وسكك الحديد) إضافة للمشاريع الإنتاجية والاستثمارية التي تتميز بدورات انتاج سريعة.

وفي الواقع إن سندات الخزينة التي طرحتها وزارة المالية بالتنسيق مع المصرف المركزي، تعد فرصة حقيقية، سواء كان بالنسبة لوزارة المالية السورية، التي  يمكنها أن تؤمن بواسطة هذه السندات موارد مالية مهمة من المصارف  العامة والخاصة، بفائدة مقبولة  ومناسبة للطرفين، دون أن يترتب على عملية طرح السندات، أي زيادة في كمية الأموال المصدر، ما يخفف من الحاجة للتوسع في حجم الإصدار النقدي، وطبع المزيد من البنكنوت، الذي بات استمرار العمل بآلياته و الاعتماد عليه، كخيار أو كمصدر تمويل يُعدُّ سهلاً ومريحاً، يقوض شروط ومتطلبات الاستقرار النقدي والمالي في سوريا. 

وعليه إن عملية طرح السندات وقيام البنوك العامة والخاصة بالمشاركة في مزاداتها والفوز ببعضها بنسب وأحجام مختلفة ، تساعد في عملية تدوير وتشغيل كتلة نقدية مدخرة في البنوك منذ بعض الوقت، وضخها من جديد في شرايين الاقتصاد السوري، الأمر الذي يمكن أن يساعد في تحريك ديناميات الطلب، على المستويين الكلي والجزئي، على منتجات السلع والخدمات، لزوم الاستثمار أو الاستهلاك، وهذا يمكن أن يساعد إلى حدٍّ كبيرٍ في تحريك عجلة الاقتصاد السوري الذي يعاني من ظاهرة الركود التضخمي. 

وفي سياق متصل، لابد من الإشارة والتوضيح، إلى أن أهمية تلك السندات وفائدتها، ستظهر بصورة واضحة في نتائج الدورة المالية السنوية لنشاط المصارف العامة والخاصة، التي شاركت في المزاد، ووظفت في تلك السندات، التي تعد في الواقع فرصة استثمار وتوظيف آمنة ومعدومة المخاطر، لفوائض مالية وسيولة كبيرة متراكمة لديها منذ سنوات، يمكن أن تؤمن لها عوائد استثمار وتوظيف مالي جيد، لاسيما للبنوك الثلاث، العقاري والتجاري والتوفير، الذين فازوا بنصيب وافر من إجمالي مبلغ السندات المصدرة.  

وفي كافة الأحوال، نحن لم نخترع العجلة من جديد في سوريا، وإن عملية طرح السندات، واللجوء لتمويل البرامج والمشاريع عن طريف سندات الخزينة، تعدُ  آلية أو خياراً عادياً، وتقليدياً  تلجأ إليه حكومات الدول في حالات وظروف مالية معينة، تحديداً عندما يكون هناك نقص في حجم الإيرادات التي يمكن أن تتأمن عن طريق مصادر التمويل العادية، أو الطبيعية كــ (الضرائب والرسوم وعوائد أملاك الدولة وفوائض القطاع العام الاقتصادي الإنتاجي والخدمي)، والتي يتعين على الحكومة السورية ،أن تعمل بقوة  لتنشيطها واستعادة دورها المركزي في عملية  تمويل برامج الإنفاق في الموازنة العامة للدولة السورية، وبالتالي إغلاق فجوة العجز التي تطورت بصورة فلكية،  إما بسبب الحرب الظالمة، التي شُنَّت على سوريا، والتي دمرت نسبة كبيرة من مصادر التمويل الطبيعية، أو بسبب الفساد الكياني القابض بقوة على الاقتصاد السوري، وعلى مؤسسات الدولة السورية، والمتحكم بصورة مافيوية بديناميات انتاج الدخل، وتوزيع الثروة والعوائد، أو بسبب الأثنين معاً.

المصدر: رصد

بواسطة :

nour molhem

author

شارك المقال: