"زحف سوري" دون "تشويش تركي" .. ومسار جديد وفقاً لـ "البوصلة الروسية"
خاص
يواصل المسؤولون الأتراك العمل بسياسة إطلاق التصريحات المثيرة أمام عدسات الكاميرات وفي المؤتمرات الصحفية، في وقت يمررون به اتفاقاتهم والتزاماتهم دون ضجة وبعيداً عن أسئلة الصحفيين و"نكشاتهم"، وتصريح وزير الدفاع التركي خلوصي آكار حين دعا دمشق لإيقاف زحف الجيش السوري نحو إدلب، يندرج في إطار اللعب الإعلامي التركي على المجموعات المسلحة التي تدعمها أنقرة لصالح تمرير التزاماتها مع الجانب الروسي ..
تعيش أنقرة ضغطاً سياسياً كبيراً في الآونة الأخيرة، وفي طبيعة الحال فإن هذا الضغط لم ينشأ بين يوم وليلة، العديد من الملفات الدولية وضعت المسؤولين هناك في عنق الزجاجة التي ستجبرهم على تخفيض سقف تطلعاتهم السابقة، وهنا يمكن استحضار العبء الذي عاشه الأتراك جرّاء ملف مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي والظروف التي أحاطت بالعملية على الأراضي التركية، والتعهدات التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ "فضح" المسؤولين عنها، قبل أن تطوي ملفات أخرى تعهدات أردوغان ..
كما تشغل صفقة صواريخ "اس 400" حيزاً كبيراً من التفكير التركي، حيث تعارض واشنطن شراء أنقرة هذه المنظومة، وتخيّرها بين "اس-400" ومقاتلات "أف-35" الأميركية، وتخشى الولايات المتحدة استغلال التكنولوجيا المُستخدمة في جمع بيانات تقنية عن المقاتلات التابعة للحلف الأطلسي الذي تنتمي إليه تركيا، ما قد يتيح وصولها الى روسيا أيضاً، لذا لوّحت واشنطن لأنقرة بعقوبات، إذا استكملت الصفقة مع موسكو.
عطفاً على الضغط الخارجي فثمة أجواء داخلية مشحونة وغير مستقرة، فالحكومة التي خسرت الانتخابات في عدة بلديات وجدت نفسها أمام مهمة صعبة لتدارك آثار انهيار الليرة التركية على الأسواق الداخلية والاستثمارات الخارجية درءاً لأي ركود اقتصادي محتمل من شأنه أن يزيد الأتعاب التركية ..
لا شك أن تركيا لم تحجم عن تحقيق رغباتها في سوريا منذ العام 2011 من تلقاء نفسها، ذلك أنها وجدت نفسها أمام معطيات وشروط جديدة ساهمت في تغيير الوجهة التركية وفقاً لمؤشر البوصلة الروسية، وهو ما انعكس بشكل مباشر على سير المعارك في الشمال السوري، إذ أن الجيش السوري تمكن مؤخراً من استعادة كفر نبودة وقلعة المضيق، وتل هواش، دون أي تشويش تركي فعلي على تقدم الجيش، وهو ما ينسجم مع سياسة "الحاضر الغائب" التركية الجديدة في سوريا ..
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: