السوريون يسألون .. أين الأموال الدولية؟
عبد الغني الحمد
لاجئ في الوطن، ومقبور تحت سمائه، حشدٌ متعاطف من الناس حوله، ونشيجه يقطع القلوب، يزفر أنفاسه مغتاظاً، ويطلب النجدة والعون لستر جسده العاري، فيجتمع حوله المتعاطفون والفضوليون والمندهشون، وبعد أن تكتمل تراجيدية المشهد يطلق تهديده بالانتحار، فيما يصيح آخر أمام عدسات الكاميرات التي هرعت إليه "أنا بدي عيش .. مش السوري يعيش أحسن مني".
انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو للبناني نزع ملابسه عن صدره، وصاح غاضبا من "الوضع الراهن" مطالباً بتوفير فرص العيش والعمل له، بعد أن ابتلع السوريون نصيبه من وطنه وفقاً لكلامه، في وقت تسابق فيه مناصرو رحيل أو "ترحيل" السوريين من لبنان، على الإدلاء بدلوهم، ومطالبة حكومتهم بحث الخطى لإنهاء حالة التردي التي يعيشها اللبنانيون بسبب وجود السوريين.
وتعود نغمة الاحتجاجات ضد السوريين بشكل مختلف عما كان عليه الوضع في وقت سابق، هذه المرة توحدت وسائل الإعلام اللبنانية مع التحركات السياسية المتصاعدة بهذا الشأن، وهو ما يشكل عملاً مكثفاً وغير مسبوق، في وقت لا يفوّت فيه المسؤولون اللبنانيون أي لقاء دولي ومهما كانت أسبابه، في طلب "مد يد العون" إليهم، لمواجهة أزمة اللاجئين التي تعيشها الجمهورية الصغيرة بسبب أعداد اللاجئين الكبيرة وفقاً للمسؤولين.
آخر هذه اللقاءات أجراها وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل مع السفير البريطاني في لبنان كريس رامبلينغ، حيث طلب باسيل دعماً بريطانياً لبلاده لـ "مواجهة الأزمة"، وذلك بعد أيام من اجتماعه بوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، حين طلب مساعدة طهران أيضاً.
وبالحديث عن المساعدات التي يحصل عليها لبنان مستفيداً من وجود اللاجئين على أراضيه، يقول مدير الأبحاث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية ببيروت، أن قيمة المساعدات والقروض الميسرة التي حصل عليها لبنان عام 2018 لدعم احتياجات اللاجئين تبلغ 4 مليارات دولار، أما المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي فقد أكد أن الأموال التي يحصل عليهات السوريون في لبنان ينفقوها في شراء منتجات لبنانية، وهو ما ينعكس إيجابا على الاقتصاد اللبناني الذي كان "سينهار لولا الدعم الدولي المقدم بسبب وجود اللاجئين".
بالمقابل يعيش السوريون أوضاعاً مأساوية رغم المساعدات الدولية المقدمة للحكومة اللبنانية، وفي هذا الصدد قالت ثلاث منظمات أممية، في تقرير صدر مؤخراً عن أحوال اللاجئين السوريين في لبنان، خلال العام المنصرم 2018، أن 69 % من عائلات هؤلاء يعيشون تحت خط الفقر، محذرة من أن أوضاعهم مازالت محفوفة بالمخاطر، وشارك في إعداد التقرير كل من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف".
يؤكد ناشطون في مجال حقوق الإنسان، أن حال السوريين في لبنان بلغ ضيقاً حرجاً، وذلك بالنظر إلى طريقة الهجوم التي ينتهجها بعض أعضاء الحكومة ووسائل الإعلام، فالسوريون هناك باتوا مهددين بظروف حياتية صعبة قد تصل إلى الموت أحياناً، أطفالاً كانوا أم كبار.
ولا تزال قضية مقتل الطفل السوري أحمد الزعبي، صاحب الـ 14 عاما واللاجئ في لبنان، عالقة في الأذهان، وقد أثارت جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل لبنانيين وسوريين، وأيضا ناشطين في مجال حقوق الإنسان في أنحاء العالم العربي، حيث حمّلوا السلطات اللبنانية المسؤولية عن مقتل الطفل بعد أن لاحقته الشرطة دون القبض عليه، قبل أن يجد أهله الجثة متفسخة بعد ثلاثة أيام، في إحدى فتحات التهوية عقب سقوطه من ارتفاع ستة طوابق هرباً من الشرطة، في وقت فيه يصف ناشطون الأوضاع التي يعيشها السوريون في لبنان بـ "المزرية"، وذلك رغم الدعم الدولي المقدم لهم عبر الحكومة اللبنانية، وهنا يسأل سوريون .. أين الأموال الدولية؟
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: