Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

جيب داعش الأخير

جيب داعش الأخير

 فارس الجيرودي

يعتبر تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع بقايا تنظيم داعش في سوريا، نموذجاً عن كيف تستخدم واشنطن الجماعات الوهابية المتطرفة، وتوظفها لخدمة استراتيجيتها، ففيما تذرعت الولايات المتحدة بظهور كيان "داعش" بقيادة أبو بكر البغدادي في 29 حزيران من العام 2014، لتشكل في سبتمبر من العام نفسه ما سمي بالتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في سورياو العراق والذي يضم عدة دول عربية وغربية بقيادة واشنطن، حيث وفر داعش الذريعة لأول تدخل عسكري أمريكي مباشر في الحرب السورية، وذلك عبر تنفيذ الضربات الجوية على المدن التي يحتلها التنظيم في سوريا و العراق، مما أدى إلى مقتل آلاف المدنيين من السوريين والعراقيين، كما وفر الذريعة لأول تواجد عسكري بري أمريكي على الأرض السورية، حيث أرسلت الولايات المتحدة حوالي 2000 جندي أمريكي تموضعوا في مناطق سيطرة ما يعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية".

بعد دخول روسيا الميدان السوري بسلاحها الجوي عبر ما سمي بـ"عاصفة السوخوي" في 30 أيلول 2015 إلى جانب الحكومة السورية وحليفيها حزب الله وإيران في مواجهة الحركات المسلحة التي كانت تقاتلها على كامل مساحة سوريا، وإثر ظهور فصائل ما يعرف بـ"الحشد الشعبي العراقي"، تلقى تنظيم داعش ضربات قاصمة، أدت إلى فقدانه لأكثر من 90% من الأراضي التي كان يسيطر عليها بحلول العام 2017، و كانت المواجهة الكبرى التي خسرها التنظيم في مدينة البوكمال السورية في 21 تشرين الثاني من ذلك العام، بعد تجاوز الجيش السوري وحلفائه للخط الأحمر الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة بخصوص عدم الاقتراب من البوكمال، حيث تحقق بعد هذه المعركة التواصل الجغرافي بين العراق وسوريا، وانحسر تواجد داعش إلى منطقة شرق الفرات.

في لقائه التلفزيوني مع قناة الميادين يوم السبت الماضي كشف أمين عام حزب الله، أن القوات الأمريكية وفرت حماية جوية لداعش في آخر مناطق تواجده في سوريا «شرق الفرات»، حيث أبلغ الأمريكيون الحكومة السورية، عبر الروس أن الطائرات الأمريكية ستسهدفهم مع حلفائهم، إن هم حاولوا الإجهاز على التنظيم في هذه المنطقة، مما أدى إلى تأجيل العملية السورية للقضاء على التنظيم.

بعد إعلان الرئيس الأمريكي نيته سحب كامل قواته العسكرية من سوريا، واجه "دونالد ترامب" معارضةً شرسة من خصومه في الداخل، ومن حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين، الذين أبدوا امتعاضهم من قرار الرئيس الأمريكي، وتذرعوا بأن تنظيم داعش لم يُستَأصل بشكلٍ كاملٍ من سوريا بعد.

عندها ظهرت الحاجة الأمريكية لنصرٍ حاسم على داعش، يمكن ترامب من تنفيذ قراره بالانسحاب من سوريا على وقع إنجازٍ يظهره بمظهر الرئيس القوي في عيون الشعب الأمريكي، ويقوي موقفه أمام خصومه الشرسين في الداخل الأمريكي.

فكثفت الولايات المتحدة جهودها الجوية بمعونة حلفائها على الأرض "قوات سوريا الديمقراطية " والهادفة لاستئصال مقاتلي داعش من جيبهم الأخير، الممتد من مدينة هجين إلى جانب بلدات السوسة والباغوز وعدد من القرى على نهر الفرات، حيث تضم المنطقة أكثر من 10 آلاف شخص من المدنيين المحاصرين، بينهم عدد كبير من اللاجئين العراقيين بالإضافة إلى سكان المنطقة.

ونتج عن الهجوم الجوي الشرس المترافق بهجمات برية نفذها مقاتلو قسد، اتفاقٌ مع تنظيم "داعش" لإخلاء الجيب من المسلحين نحو البادية السورية، حيث وصلت يوم الجمعة 18 كانون الثاني الجاري 35 حافلة تابعة لـ"قسد" لتبدأ في تنفيذ الاتفاق.

فيما نفى القيادي "أحمد السلطان أبوعراج" أحد قيادي قسد الأنباء التي نقلت عن مسؤولين عراقيين، وتحدثت عن احتمال وجود "أبوبكر البغدادي" زعيم تنظيم داعش الإرهابي، في المنطقة الصغيرة المتبقية تحت سيطرة التنظيم، بشرق دير الزور.

وأوضح أبو عراج أن «قدرة داعش على مقاومة هجوم "قسد" تهاوت خلال الأيام الأسابيع الأخيرة، وأن العشرات من مقاتليه يسلمون أنفسهم إلى قوات سوريا الديمقراطية».

ليتم إسدال الستار قريباً على قصة تنظيم داعش الدامية، بالتزامن مع الانسحاب المتوقع لآخر جندي أمريكي من الأرض السورية.

  

 

المصدر: خاص

شارك المقال: