سوريا.. مقاربات دستورية (3) الدستور التوافقي!

حبيب شحادة
لا شك في أنّ الظرف السياسي السوري الراهن، وخصوصاً بعد سنوات من الحرب، فرض التوجه نحو تعديل/ وضع دستور جديد، وهنا يستحضرني قول نابليون بونابرت «ما من دستور يبقى كما نشأ، مصيره دائماً متعلق بالرجال وبالظروف».
وتنشأ الدساتير إما عن طريق مجلس تأسيسي أو لجنة فنية تقوم بوضع الدستور، وكون الوضع السوري مُدوّل تم الأخذ بخيار اللجنة. علماً أن الفرق يكمن في أن الدستور المنتج من قبل مجلس تأسيسي يعتبر نافذاً بمجرد إقراره، في حين أن الدستور المنتج من قبل لجنة فنية يحتاج للاستفتاء الشعبي.
وتحتوي قائمة اللجنة الدستورية على مجموعة من الأسماء المختلف عليها لناحية خبرتها القانونية والدستورية، وقدرتها على إنتاج دستور يخرج سوريا من حالة عدم الاستقرار إلى حالة دولة المواطنة التي يحكمها القانون. ويجب ألا ننسى أنّه لا يمكن بأي حال من الأحوال الوصول لتشكيل لجنة مُحققة لإجماع كافة أطراف الصراع، خصوصاً في حالة الأزمة السورية المعقدة. وإنما إلى لجنة تكون توافقية بين كافة أطراف الصراع.
وهنا لا بد من لحظ الانقسام لدى الشارع السوري حول الكثير من المواضيع، والتي لم يكن آخرها اللجنة الدستورية، فمن قال بأن اللجنة الدستورية يجب أن تكون من لون واحد مثلاً؟ وإن كانت كذلك فما الحاجة إليها؟ علماً أنّ الوضع السوري يحتاج إلى جهد شاق من قبل هذه اللجنة سواء بأسمائها المسربة أو بغيرهم للخروج بصيغة دستور يحقق التوافق بين السوريين جميعاً.
كما أنّ الكثير من المواضيع هي محط خلاف لدى السوريين، وليس داخل اللجنة فقط، والتي تتمثل في الصلاحيات التي ستتمتع بها السلطات الثلاث، والفصل بينها، وشكل النظام السياسي الذي من الممكن أن تأخذ به هذه اللجنة سواء لناحية بقائه بشكله الحالي (شبه رئاسي) أو النزوح نحو النظام البرلماني.
والموضوع العُقدة يتمثل في الكوتا النسائية، والخروج بدستور يتوافق مع النوع الاجتماعي (الجندر) والذي هو ليس خلافاً سياسياً فقط، وإنما خلاف إسلامي اجتماعي.
أخيراً فإن عملية التسوية السياسية ومن ضمنها إعداد الدستور يجب أن تكون مُنتجاً سورياً بامتياز يُشكّل الضمانة الحقيقية لحقوق المواطنين وحرياتهم في إطار التوازن بين ضرورات السلطة وضمانات الحقوق سعياً للوصول إلى مجتمع متعافٍ سياسياً واجتماعياً وتنموياً ويحقّق دولة المواطنة.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: