Saturday April 19, 2025     
00
:
00
:
00
  • Street journal

حديقة تشرين في منصب جديد!

حديقة تشرين في منصب جديد!

تَشهد سوريا اليوم ظاهرة غريبة تتمثل في قيام محافظة دمشق بتأجير الأماكن العامة من حدائق وأرصفة، لمستثمرين بقصد تحويلها من مكان عام للجميع وبدون مقابل، إلى مكان خاص مأجور، ذلك بحجة إقامة مشاريع تنموية، لكن يبدو للوهلة الأولى أنّ تلك المشاريع لا تَعدو كونها عشوائية غير تنموية. 

كما أنّ حديقة تشرين، تُعتبر ذات علاقة وارتباط بالتكوين الدمشقي، يقصدها أغلب سكان دمشق، بقصد الترفيه والتسلية والراحة، فهي من بداية فصل الربيع تصبح وجهتهم كل يوم جمعة، وفي أيام العطل ، وما أن يبدأ الصيف حتى تعج يومياً بزوارها  ناهيك عن المهرجانات والمعارض التي تقام فيها والتي تشكل جواً محبب للشارع، وليس لنا أن  ننسى رحلنا المدرسية في الطفولة اليها وبقيت كذلك في عمر الشباب، فهي مقصد لطلاب الجامعات، وللكثير ممن لا يملك ثمن لدخول مطاعم دمشق ومقاصفها التي باتت أسعارها تصاحب الدولار في ارتفاعه وغليانه.  

ولعل محافظة دمشق نسيت أنّ تلك المساحات الخضراء من الحدائق، تُعتبر المتنفس الوحيد لسكان دمشق وأطفالهم، ممن ليس لديهم القدرة على الذهاب إلى المنتجعات السياحية الباهظة الثمن، وهنا يمكن طرح السؤال التالي، هل تعاني دمشق ومحيطها من ندرة المطاعم وصالات الرياضة والديسكو وغيرها من المنشأت، ليلجأ المستثمرين ومحافظة دمشق لإقامتها على الحدائق العامة؟

يبدو أنّ تلك الإجراءات لا تخرج عن كونها اختراق لحرمة تلك الأماكن العامة، وتعكير لراحة الناس البسطاء، حيث صرح أحمد المصري، أحد سكان حي المهاجرين لجريدتنا، "بتنا نعاني من الأصوات القوية الصادرة من ديسكو حديقة تشرين، الذي يضع أغاني صاخبة وغريبة لوش الصبح". ما حرم معظم السكان من القدرة على النوم الهانئ وفقاً لأحمد. 

وجدير ذكره أنّه في هذا النوع من الاستثمارات، المستثمر لا يدفع ثمن الأرض لبناء منشأته، كونها أرض حديقة عامة، وما يدفعه تكاليف تجهيزات وديكور فقط، مضافاً إليها تكاليف الأجرة التي تحصل عليها المحافظة جراء قيامها بعملية التأجير، والتي يبدو أنّها أصبحت حالة دارجة لدى محافظة دمشق، التي تقوم بتأجير الأرصفة أيضاً لبعض الفنادق والمطاعم.  

ذلك بموازاة اتحاد عمال دمشق، قامت المحافظة بتأجير الرصيف لأحد المطاعم، الذي قام بوضع طاولاته، وأحاطها بأصناف من الورود الجميلة، لاقتطاع هذا الرصيف، ما حرم الناس من حقهم في المسير على تلك القطعة من الرصيف، والتي هي بالأساس ملك عام.  

في كل دول العالم تبقى الحدائق والأماكن العامة، فسحة للناس، وبدون مقابل مادي، غير أنّ الحال في سوريا بدأ يتجه خلاف ذلك، من خلال منح التراخيص للاستثمار في الأماكن العامة (حدائق – أرصفة) دون النظر لحجم الضرر الذي ينتج عن ذلك، سواء لناحية تشويه منظر الحدائق، وحرمان الناس منها، أو لناحية العائد الذي تحققه المحافظة من عملية التأجير. 

يمكن أنّ محافظة دمشق تعاني نقص في الموارد، الأمر الذي جعلها تبحث عن طرق لرفد موازنتها بأية طريقة، وبغض النظر عما إذا كانت في مصلحة المواطن أم لم تكن، وهذا ما يؤكد عدم وجود خطط تنموية، وسياسات عامة لتحفيز الاستثمارات، وربطها بآليات تخدم المواطن بدل من أن تكون ضده.

المصدر: خاص

شارك المقال: