«طلاق بائق».. بين «الرسمي» وقضايا «الرأي العام»
محمود عبد اللطيف
يبتعد الإعلام الرسمي عن قضايا الرأي العام وكأنها لا تخصه على الرغم من الحديث قبل أشهر عن إزاحة الخطوط الحمراء ورفع سقف العمل الصحفي، وعلى سبيل المثال لا الحصر، يحضر هنا ملف "مشفى سلحب"، التي أقيم بمبادرة من أهالي المنطقة وتقصير من وزارة الصحة، وعلى الرغم من انشغال وسائل الإعلام الخاصة وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي بهذه القضية، إلا أنها لم تأخذ الحيز الكافي على وسائل الإعلام الحكومية بتعددها وأختلاف أنواعها.
كما إن حدثا ًمثل قضية "دار الرحمة"، كان يتطلب سرعة في التحرك والاستقصاء من قبل الإعلام الحكومي ليكون الناس أمام صورة حقيقة لما حدث، وهذا المثال نسوقه لما أحدث من انقسامات في الشارع السوري بين مصدق ومكذب، ولا نبالغ إن قلنا أن المواطن السوري لا يثق بالإعلام السوري الرسمي في قضاياه المجتمعية، لكون هذا الإعلام ينفصل ببعض برامجه وخاصة الترفيهية والأسرية عن الواقع المعاش.
وفي وقت تمكن التلفزيون السوري من خلال المراسلين الحربيين أن يكسب ثقة المواطن بعد مواكبة مجموعة كبيرة من المعارك الهامة، يمكن القول إن ثقة المواطن متاحة للإعلام الرسمي في المجتمعيات من القضايا، شرط أن يكون هناك عقلية متخلصة من المحابة والمجاملات بين مسؤول وآخر، وعلى أن يكون ثمة عمل ممنهج من قبل الكوادر الشابة والموهوبة المنسية في أروقة التلفزيون السوري، الذي يظهر الكثير من الوجوه الجميلة وقلة من الصحفيين الحقيقيين، وعلى إن الجمال ليس معيارا وحيدا للظهور التلفزيوني، ندعو لرؤية بعض التجارب لصحفيين استقصائيين أو مراسلين ميدانيين على وسائل إعلام عربية وناطقة بالعربية.
قضايا الرأي العام التي تثار عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، من شأنها أن تحقق مادة جذب دسمة إن قررت وسائل الإعلام الرسمي الاشتغال عليها بالاستقصاء العلمي والمنهجي، خاصة وإن الرئيس "بشار الأسد" قد أكد في أكثر من مناسبة على ضرورة تفعيل هذا النوع من العمل الصحفي، ويجب على وزارة الإعلام إيجاد آلية تحمي الصحفيين من ردود افعال بقية الوزارات في حال عمل الصحفي بعد تجاوز "موافقة"، الوزارة المعنية، فكيف لصحفي أن يتحصل على موافقة فاسد او مقصر لفتح ملف فساده او تقصيره، وكيف يكون ثمة نوع صحفي يسمى بـ "التحقيق"، وهذا النوع رهين موافقة المحقق في ملفاتهم، وحتى إن قانون الجرائم الإلكترونية يطبق بحزم على أي نشر إلكتروني لملف فساد لا يرضى اصحابه ان ينشر، وغالبا ما يذهبون نحو اتهام الصحفي بأنه "عميل - مروج شائعات - مأجور - او يعمل في الصحافة الصفراء"، ونعتقد أن الأمثلة هنا كثيرة.
لا يمكن تحسين موقع سوريا في ترتيب قوائم الدول حسب الحريات الصحفية الصادرة عن عدد من الجهات - سواء رضينا بهذه القوائم أو مصدريها أم لم نرضى- إن لم تعمل الشخصيات الإدارية في الإعلام الرسمي على تطوير أدواتها المهنية الذاتية، دون حصر التطوير بالمعدات، ولا يكفي أن يكون صحفيا من جيل المخضرمين قادر اليوم على استخدام الكومبيوتر او هاتفه الذكي، بل يجب أن يكون مستوعبا لحاجات العمل الصحفي في ظل التطور المجتمعي، وإن كنا نعول على بناء وعي كافٍ لدى السوريين بحاجات بلدهم وما يحيط به، فعلينا أن نحترم حاجاتهم المعرفية، واحترام عقولهم، وتقديم المعلومة التي يريدونها حول القضايا التي تهمهم، وبمناسبة هذا الحديث، ما الذي تطور فعليا في الهوية البصرية للتلفزيون السوري، وما الذي زاد أو نقص من الهوية المعرفية له خلال سنوات الحرب، وكيف سيتجاوز خطوطا حمراء يريد البعض إزالتها، والوسائل الإعلامية تعمل وفقا لمفهوم "مكانك راوح"، وما هو العدد الفعلي لقراء الجرائد الرسمية لا عدد ما يطبع منها، ومن يتابعها بشكل فعلي..؟، هذه الاسئلة تثار في رأس أي مواطن فكيف لا يُبحث لها عن إجابات..؟.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: