قطع الاتصالات والانترنت.. حاجة فرضها الفساد أم عجزٌ في ضبطه؟
رماح زوان
بعد ما وصلت إلى ما وصلت إليه التكنولوجيا من تقدم سريع، حتى باتت حاجة أساسية مثلها مثل الهواء والماء لدى أي إنسان في جميع مفاصل حياته اليومية والمهنية، تعمد وزارة التربية لقطع شبكة الاتصالات والانترنت عن كامل البلاد خلال فترة إجراء امتحانات الشهادة الثانوية، منعاً لوقوع حالات الغش.
أكثر من 240 ألف طالب وطالبة توجهوا اليوم إلى امتحانات الشهادة الثانوية بمختلف فروعها، وسط شلل عام يعيشه السوريون في أعمالهم، بسبب سياسة التربية هذه جراء الامتحانات، الأمر الذي أثار استياء الجميع خاصة بعد تكرره خلال الأعوام الماضية، وبسبب طول مدة قطع الاتصالات الخليوية من الساعة الرابعة فجراً حتى انتهاء الامتحان الذي يبدأ الساعة الثامنة صباحاً وينتهي بعد ساعتين أو ثلاثة.
وفي وقت تعتبر فيه "سوريا" مركز لأهم الأخبار في العالم، في ظل ما تعيشه من معارك في ريفَي "حماة" و"إدلب"، وكذلك اختلاف واتفاق كثير من الدول العظمى وغيرها حول الصيغة النهائية للحل المرتقب، تنتظر وكالات الأخبار العالمية والصحافة المحلية بما فيها المواقع الإخبارية موعد عودة شبكة الانترنت لنشر وتناقل الأخبار ومعرفة الوقائع.
"أبو محمد" (60 عاماً) يعمل في "سوق الهال" بـ"اللاذقية" منذ حوالي عشرين عام، لا يعرف القراءة أو الكتابة، لكنه اليوم بات مصطحباً في جيبه ورقة طبع عليها برنامج الامتحانات، ويستعين بالمارة ليقرأ له موعد الامتحان ومدته، ليعلم موعد عودة الاتصالات، فالرجل الستيني يعتمد في عمله على هاتفه، يقول أبو محمد ساخراً «أستطيع الآن العودة إلى أيام الشباب في السبعينات حيث لا وسائل اتصال متطورة».
أحد طلاب الشهادة الثانوية العلمية، أعاد تقديم الامتحان لعدم تحصيله علامات تخوّله التسجيل في كلية الهندسة المعلوماتية التي طالما طمح لدراستها، يقول الطالب مبدياً موافقته على تصرف الوزارة إزاء إيقاف الاتصالات والانترنت قائلاً «قد يمكن أن أكون فقدت فرصتي العام الفائت بسبب فساد أحد المراقبين مع طالب ما أخذ فرصتي بعد غشه واستفادته ولو بجزء من العلامة"، في حين يعلّق سائق تكسي اعتاد زبائنه على الاتصال به لتوصيلهم»، متسائلاً «هل فقدت الوزارة ثقتها بمدرائها ومراقبيها، أم انعدمت الأخلاق لدى المعلّمين بعد الأزمة!».
قد لا يخفى على أحد أو أنه حكماً يعاني من الفساد الذي تفاقم بشكل جنوني وبات ينخر جسد الفقراء والبلاد على حد سواء خلال سنوات الأزمة، فهل قطع شبكة الاتصالات والانترنت يحمي السوريين فعلاً من تحويل أبنائهم لضحايا فساد طبقة المتعلمين، أم أنه كان من الأجدى على الوزارة ابتكار حلول عصرية بعيدة عما وُصِف بالعجز؟
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: