بورصة الخضار وأسهم الفاكهة!
بديع صنيج
«أغلقت تداولات اليومين الأخيرين من شهر شباط الجاري في سوق هال دمشق على حجم تداول قدره 175762 سهماً موزعة على 291 صفقة بقيمة تداولات إجمالية بلغت 125.412 مليون ليرة، وأغلق مؤشر السوق عند قيمة 39.256 نقطة متقدماً عن الأسبوع الماضي بنحو102.13 نقطة وبنسبة تغير موجبة قدرها 10.78 بالمئة، لاسيما ما يتعلق بخضروات المقالي (البطاطا والباذنجان)، إلى جانب تعزيز أرصدة البندورة البلاستيكية بنسبة عالية».
لن يطول الزَّمن قبل أن نسمع مثل هذا الخبر على فضائياتنا، والتي ستنبري لتُبرِّر الارتفاع الكبير لـ"بورصة البندورة" بسبب مُضاربات حيتان سوق الهال، إضافة إلى محاولة برامجنا الاقتصادية إيجاد السبل للتخفيف من حدة القفزة التي حققها "قيراط البطاطا"، إلى جانب تحليل أسباب جنون أسعار "البصل الفرنسي" و"باذنجان برشلونة" وأن لا علاقة لذلك بالتدخل الخارجي على الإطلاق، والتأكيد على أن الجنون أصاب حتى الملفوف البلدي والليمون البلدي والبصل السلموني.
وسيزيد من جنون المواطن المسكين أن مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك تكتفي بالوقوف على الحياد، وإصدار نشرات سعرية لا علاقة لها بالسوق لا من قريب ولا من بعيد، وكأننا نحكي عن "سوق الهال السوداء" وما تتضمنه من سعر صرف خاص، ولا علاقة له بالنشرة النظامية الصادرة عن تلك المديرية المُفرطة في غيابها، لدرجة أن المستهلك بات بحاجة إلى حماية فعلية منها، كونها تكذب و"على عينك يا تاجر"، والأنكى أن كذبها لا يؤثر على التجار، بل يزيد من غيِّيهم وتسلُّطهم على جيوب المواطنين، الذين اكتفوا بخبزهم كفاف يومهم، وهم يصلُّون ليل نهار ألا يكف المسؤولون عن "تمنينهم" بأن السعر الحقيقي لربطة الخبز يفوق الـ270 ليرة بينما هم يشترونها بـ50 ليرة فقط لا غير، فأن يأكلوا "الخبز الحاف" مع "منيّة" خيرٌ لهم بألف مرَّة أن يخرجوا من المولد بلا حمُّص.
الإمعان في "تجنين" المواطن يتم عند سؤال أي بائع، ولو كان صاحب دكان الخضرة في أصغر شارع بدمشق، عن سبب هذا الارتفاع اللا معقول، فيجيبك بأنه "الدولار ابن الكلب". طبعاً هذا التفسير لن يضع عقلك في كفِّك، لأنك فقدته أساساً بعدما أخبرك أحدهم أن لـ"الأخضر" علاقة قوية مع الملفوف البلدي والخس والطرخون والبقدونس، ولو تمت زراعتهم في مسكبة جارك، كما أن صلاته قوية بالثوم اليابس سواءً أكان أول بذرة أو ثاني بذرة، وبالموز البلدي والجزر البلوري، والكريفون العادي والماوردي.
وأمام كل هذا الجنون لم يعد أمامك سواء الاستغفار وألا تكون البيوت البلاستيكية مُدارة من الخارج، وأن تخفف دجاجاتنا من قلَّة شرفها وانجرارها وراء الديوك الأجانب فينخفض سعر البيضة الواحدة إلى ما دون الـ40 ليرة.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: