Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

"قسد" ومخيمات النازحين !

"قسد" ومخيمات النازحين !

محمود عبد اللطيف

تعد غالبية المناطق التي تقع تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، آمنة وفقاً لمفاهيم "قسد"، ومن خلفها التحالف الأمريكي، وبرغم أن مناطق شرق محافظة حلب، والرقة وجزء كبير من ريف دير الزور، خالية من وجود تنظيم "داعش"، منذ ما يزيد عن العامين، إلا أن تحالف الميليشيات المشكل من قبل واشنطن تحت مسمى "قوات سوريا الديمقراطية"، يحافظ على وجود المخيمات في الرقة وشرق حلب، علما أن غالبية سكانها يرغبون بالعودة إلى قراهم.

بقاء السوريين في مخيمات النزوح الموجودة في شمال وشرق سوريا، يأتي نتيجة لمنع "قوات سوريا الديمقراطية" من العودة إلى قراهم الأصلية بحجة "التخوف من عودة تنظيم داعش"، على الرغم من إن كل سكان المخيمات فيما عدا مخيمي "الهول – عين عيسى" هم من المدنيين حصراً، فيما يشهد هذين المخيمين وجوداً لعوائل عناصر تنظيم "داعش" الذين استسلموا في أوقات سابقة لـ"قسد"، ونتيجة لهذا المنع يبقى عدد ضخم من القرى خال من السكان الأصليين، ما يتيح لعناصر "قسد"، استغلال الأراضي الزراعية المحيطة بها، واستخدامها في زراعة "الحشيش – الخشخاش"، ناهيك عن سرقة ممتلكاتهم من أثاث منزلي ومعدات زراعية.

السبب الأساس من إبقاء النازحين بعيداً عن قراهم بالنسبة لـ"قسد"، هو استمرار عملية الابتزاز الإنساني للمنظمات الدولية والجهات المانحة لها، إذ تؤكد معلومات حصلت عليها "جريدتنا"، من مصادر مقربة من "قسد"، أن ما يزيد عن 80% من المساعدات الإنسانية التي تصل لصالح المخيمات، تخزن في المستودعات التابعة لـ"قسد"، قبل إعادة تغليفها وبيعها في الأسواق المحلية، كما إن المبالغ المالية التي تصل لدعم المخيمات بالاحتياجات اللوجستية لا يتم صرفها مطلقاً.

عملية إيصال المساعدات إلى النازحين تتم عبر ما يسمى بـ"الهلال الأحمر الكردي"، وهو جهة أنشأتها "قوات سوريا الديمقراطية"، فيما محاولة منها لكسب شرعية دولية على الأقل من الصليب الأحمر الدولي، إلا أن الأخير يفضل التعامل مع الهلال الأحمر العربي السوري في المناطق الشرقية، وتشترط "قسد" أن تتسلم المساعدات ليتم توزيعها من قبل هلالها على النازحين، وهذا ما يمنحها القدرة على أخذ معظم المساعدات، في حين أن الحصة المتبقية توزع على من يسكنون المخيم أمام عدسات الكاميرات فقط، وعادة ما تكون الحصص المخصصة تكفي النازحين لمدة شهر أو شهرين، إلا أن ما يصلهم لا يكفي الأسبوع الواحد، وهذا الأمر كانت قد اشتكت منه منظمة الصحة العالمية في بيان رسمي صدر عنها خلال شهر كانون الثاني، حيث طالبت بتخفيف القيود الأمنية والإجراءات المتبعة من قبل "قسد"، والسماح لفرق المنظمة بإيصال المساعدات لمستحقيها في مخيم الهول.

في جانب مهم من منع المدنيين من العودة إلى قراهم، تحضر عملية التنقيب عن الآثار، فتلال غير مكتشفة في ريف دير الزور الغربي وتحديداً بالقرب من قرية "الكُبر" و "أبو خشب" والمناطق القريبة من مدينتي "حلبية وزلبية"، إضافة إلى قرى ريف دير الزور الشرقي ومحيط المدن الأثرية كـ"البصيرة"، ومن الأخيرة نقلت كميات كبيرة من الآثار إلى مدينة "عين العرب" بريف حلب الشمالي الشرقي، الأمر نفسه ينسحب على القرى الواقعة إلى الشمال من منبج، وفي محيط المناطق الأثرية في مدينة الرقة والقرى التابعة لها، وهذا ما يجعل جريمة سرقة الآثار بدون شهود.

يحتاج الساكن في أي من المخيمات الواقعة تحت سيطرة "قسد" للحصول على "ورقة كفالة"، يضمن فيها أحد سكان المنطقة بأنه لن يقوم بأي عملي إرهابي، ومن الأوراق المطلوب للحصول على هذه الورقة، "الموافقة الأمنية من قسد"، ما يجعل تكلفة الكفالة تصل إلى 125 ألف ليرة سورية، وهو رقم ليس سهل المنال على النازحين، والسبب في السعي للحصول عليها هو الرغبة بالبحث عن عمل ما في المناطق القريبة من المخيمات لزيادة مصادر الدخل الخاصة بالنازحين، ونتيجة للتضيق على الشبان دون سن 45 عاما، وعدم منحهم إياها، تحول عدد كبير من النازحين للعمل مع "قسد" في حفر الأنفاق بالقرب من مدينة "تل أبيض" بريف الرقة الشمالي، ومدينة "رأس العين" بريف الحسكة الشمالي الغربي، إضافة للعمل في ورشات التنقيب عن الآثار في محيط مدينة "منبج" بريف حلب الشرق. 

أبرز المخيمات التي تقع تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، هي "الهول – المالكية – المبروكة – السد – أم مدفع" بريف الحسكة، ومخيمات "أبو خشب – أبو الحسن – الصور" بريف دير الزور، إضافة لمخيمات "الرقة – عين عيسى – الطوحينة" بريف الرقة، وثلاث مخيمات إلى الشرق من مدينة منبج، ويقدر مجموع قاطني هذه المخيمات بما يزيد عن 600 ألف شخص، يخضعون لسطوة "قسد" على المستوى الإنساني ويوظفون في أي عملية انتخابية تقوم بها لصالح انتخاب القائمة التي تمثل "حزب الاتحاد الديمقراطي"، فهم بيضة القبان التي تضمن فوز هذا الحزب على بقية منافسيه من مكونات "مجلس سوريا الديمقراطية"، ليضمن قيادته لها، وتحكمه بمفاصل الحياة في المنطقة الشرقية، ضمن ما يسمى بـ"الإدارة الذاتية"، ولربما يكون هذا الحزب يفكر في أن تكون هذه المخيمات ورقته الرابحة في حال تسوية ملف الشرقية سياسياً، ليدخل أي انتخابات تقيمها الحكومة السورية في المنطقة بأوراق تضمن فوزه من خلال ابتزاز النازحين.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: