Saturday April 19, 2025     
00
:
00
:
00
  • Street journal

هل تَملك المصالحات والتسويات بذور بقائها؟

هل تَملك المصالحات والتسويات بذور بقائها؟

حبيب شحادة

لا يُمكن لأيّة حرب في العالم أن تستمر بشكل متواصل من الحدة والاقتتال الميداني الشرس، دون وجود قنوات أو مسالك ومسارات يخفت فيها صوت الرصاص، لِيعلو صوت العقل، وتهدئ فوهات البنادق والمدافع، عملاً بمبدأ "أنّ الحرب امتداد للسياسة، ولكن بوسائل أخرى".

في سوية الأزمة/ الحرب وخلال سنوات الصراع، ظهر من رحم هذه الحرب، دعوات لتجميد القتال والسلاح في بعض المناطق، عبر إجراء تسويات أو مصالحات، تُنهي حالة الحرب الشاملة، وتبدأ بمسار اللاحرب، لكن رغم دخول أكثر من 50 منطقة في إطار المصالحات والتسويات، ما زال هناك حالة من عدم الاستقرار التام في النظام العام لتلك المناطق.

ومُنذُ أول عملية تسوية في العام 2013 وما تلاها من مصالحات أخرى وصولاً للعام 2019، حدث ويحدث الكثير من الخروقات والانتهاكات لتلك المصالحات بين الحين والأخر، ما يُمهد لحالة من الانفجار مرة أخرى، خصوصاً في ظل وجود أطراف إقليمية ودولية كانت فاعلة في حدوث المصالحات، وفاعلة أيضاً في تهديد حالة المصالحة من جديد، وربّما إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل حدوث تلك المصالحة.

وجدير ذكره أنّ المصالحات، تكمن في كونها تمتلك مسار سياسي، اجتماعي، قائم على المصارحة والمكاشفة، وجبر الضرر، ويحتم عليها في النهاية إنتاج عقد اجتماعي جديد، يمنع العودة إلى الوراء، في حين أنّ التسويات، كانت بمثابة الضرورة التي تحث على إيقاف القتال فقط دون امتلاكها لمسار سياسي واجتماعي.

كما أنّ قطار المصالحة في سوريا، سار وفق ثلاثة نماذج، تمثل الأول، في تجميد القتال عبر الهدن المؤقتة، والتي حدثت في أكثر من 25 منطقة على مستوى مصالحات محلية، والثاني، أخذ شكل خفض التصعيد، (اتفاق خفض التصعيد 4/أيار/2017) من خلال مسار أستانة وضامنيه الثلاثة (روسيا – تركيا – إيران) بينما الثالث، كان في صيغة تأجيل القتال عبر هدن مُعقدة.

كل ذلك أدى إلى خفض مستوى العنف في سوريا، لكن دون قدرته أو امتلاكه لآلية مُكملة له، بمعنى أخر، دون وجود مسار سياسي واجتماعي، يُتيح إعادة إنتاج العلاقة بين الدولة والمواطن، في إطار وطني غير قابل للانفجار مرة أخرى، والدليل على ذلك ما حدث مؤخراً من استهداف لنقاط الجيش السوري في درعا، وكذلك الاستهداف المتكرر لبعض الحافلات التي تقل جنود الجيش السوري.

يبقى مسار المصالحات والتسويات خيار جيد، في ظل عدم القدرة على تفريغ الصراع من مسبباته، حتى لوكان على مستوى مناطقي وليس على مستوى الجغرافيا السورية كاملة، لكن ما تحتاج إليه عمليات المصالحة والتسويات، يكمن في قدرتها على امتلاك بذور بقائها قائمة، ومنع انهيارها مجدداً، سواء بفعل عوامل داخلية، أو خارجية، خصوصاً بعد ما أشيع عن استئناف دول معينة كقطر والولايات المتحدة الأمريكية والأردن، عملها بدعم وتدريب تنظيمات مُسلحة، شبيهة بما عرف بغرفة الموك في عمان.

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: