Sunday November 24, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

رسائل الشعب للحكومة.. شكراً تعاون خالي من "الكولكة"

رسائل الشعب للحكومة.. شكراً تعاون خالي من "الكولكة"

 

كريم مهند شمس

"هل أصبحت مدينتنا لطيفة وطوباوية فجأة!"، إنها الجملة الأخيرة التي أمكن التقاطها من حديث دار على مقاعد باصات النقل الداخلي بين فتاتين، كانتا تحصيان كمّ المفاجآت التي رُصدت بمحيطهما مؤخراً، وهو ما دفع لزيادة الشكوك بأنه بطريقة أو بأخرى يوم إيجابي عموماً بالنسبة لنطاق واسع من سكان المدينة.

"سجلي شكر بدل الشكوى وبلا رشوة"..

وفي تفاصيل الحديث، أقسمت صاحبة الشعر البني لصديقتها ذات الخصل السوداء المتموجة (وهي الطريقة الوحيدة المتاحة لتمييز شخصيات الحوار هنا)، أنها رأت اليوم مجموعة من سكان الحي يعدّون "بطاقة شكر" لموظفي طوارئ الكهرباء في المنطقة، وذلك لقاء جهد كبير بُذل منهم لإصلاح محطة التغذية الرئيسية قبيل العيد حتى يتمتع المواطنون بالكهرباء طيلة فترة العطلة دون انقطاع وهو ما كان ليعد مستحيلاً لو بقي العطل قائماً.

ومع تقصي الأمر رُصد خبر يثبت فعلاً أن موظفي طوارئ إحدى المناطق أصلحوا محطة ما، بجهود وأدوات وصفها الخبر بـ"الوطنية الخالصة" أي أنهم اعتمدوا في عملية الصيانة على ما هو متاح بالقرب منهم وليس على إمداد من الوزارة بمواد الإصلاح، وذكرت الشابة في الوقت نفسه أنها سمعت أحد أكثر جيرانها كبار السن استيائاً يتصل بالطوارئ خلال العيد قائلاً: «ما بدي سجل شكوى، بدي سجل شكر وكل سنة وأنتوا سالمين"، ولم تستطع فهم مغزى الاتصال حتى رأت تلك الرسالة التي يستحيل تصنيفها تحت مسمى الرشوة أو "الأتاوة" المعتاد تداولها في بلادنا بين الفترة والأخرى، حيث من الواضح كمّ حسن النية بها، وخلوها من المبالغ المالية».

"يعطيكن العافية أجت بوقتها"

وما جعل صديقتها تصدق تلك الرواية، هو قراءتها لمنشور مشابه على صفحة للمنطقة، يشكر عمال بلدية ذلك الحي ذاته على "شطف" الشوارع في الوقت المناسب تماماً ليأتي العيد نظيفاً بعدما تكدست القمامة في الأيام الأخيرة من شهر رمضان التي تُعرف بزيادة الإنفاق العائلي على الحلويات والطعام أحد أكبر مصادر المخلفات المنزلية ومسبب لزيادتها، كما طلب ذلك المنشور من السكان المحليين تعاوناً خاصاً بإبقاء الشوارع على حالها نظيفة لأطول مدة ممكنة.

ماشي الحال..

وعلى الضفة الأخرى، لاحظت تلك الفتاة أيضاً تدنياً ملحوظاً بعدد المنشورات الساخطة عن مستواها المعتاد عندما يُقطع الإنترنت تزامناً مع بداية الامتحانات الثانوية أو الإعدادية، وكذلك فإن حجم الانتقادات كان أقل من العادة بما يخص العملية الامتحانية وتوزيع المراكز والمواصلات وغيرها من التفاصيل التي تتفرع وصولاً لنوع الأسئلة وحتى مدى تهاون المراقبين مع الطلاب، علماً أن أسئلة مادة الفزياء لم ترضِ الجميع،(لسنا نقول أنها كانت بداية مثالية، لكن أقلها لم تصبح تريند يعمّ السوشيال ميديا كما جرت العادة خلال السنوات السابقة).

العطلة من الجنة

ولكوننا متأكدون أنه ما من عمدة جديد في المدينة (مثل في الغرب الأمريكي يوّصف حالة تغييرات جذرية تظهر فجأة)، فيمكن لنا التكهن ببساطة أن الإجازة فعلت فعلها عند من نالها، فالراحة والجلوس بالمنزل لما يقارب الأسبوع لموظفي القطاع العام ومعظم نظرائهم في الخاص لربما جعلت نظرتهم للواقع المحيط أكثر إيجابية بقليل وأقل سخطاً، أو خففت من حدة قابلية الاستياء لديهم، وهو مبدأ نفسي شائع جداً مفاده باختصار أن الإنسان الشبع أقل حساسية تجاه الطعام من الجائع، وأن المرهق أكثر قابلية للغضب والاستفزاز من ذلك الذي نال ما يحتاج من هدوء وراحة.

ولأننا شعب اعتاد العيش راقصاً على حبال الاضطرابات والأزمات، فمن المجدي تسليط الضوء على يوم هادئ عاشته المدينة، ولو كان يوماً فقط وبالطبع ليس قابلاً للتعميم، لكن إيجابيته تبعث على الراحة والأمل ألا يكون الفرق سيُدفع خلال بقية الأسبوع.

حتى أن بطلتا الحوار بشعرهما البني والأسود المميز، حصلتا لأول مرة منذ فترة على رحلة هادئة في باصات النقل الداخلي، بعيدةً عن التعرض "للتلطيش والتطبيق"، إضافة لأن هناك شاب تنحى عن مقعده لفتاة جميلة دون أن يقضي الطريق يرمقها بنظراته الساحرة ويتغمى لها طلباً لرقمها.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: