"بردان حضنك يا وطن"
محمد عيسى محمد
زارني بالأمس صديقي (طارق سمكة)، وكالمعتاد بدأ حديثه بالمواضيع التي تضج بها مواقع التواصل الاجتماعي، فكانت حملة "خليها تعنس" محور الحديث.
طارق شاب ثلاثيني، وخريج جامعي، توظف هذا العام في دائرة حكومية بعد أن دخل موسوعة غينيس كأكثر رجل تقدم لمسابقات توظيف في العالم.
يعيش طارق مع أهله، ضمن عائلة فقيرة مكونة من أب وأم و 4 أخوة، داخل بيت صغير في ضواحي دمشق.
يرى طارق أنه بحملة أو بدون حملة "رح تعنس"، فهو يعتقد أن الزواج في هذه الأيام أصبح حلما بعيد المنال، في ظل تكاليف الزواج المرتفعة، وأسعار الشقق السكنية الباهظة، والغلاء المعيشي بشكل عام.
من ناحيتي، حاولت مواساة طارق وتجميل صورة الوضع في عينه (وترقيعها)، لكنه أسكتني عندما قال لي: أنا موظف من الدرجة الأولى براتب 25 ألف ليرة سورية (مابيشتريلي صرماية).
وهذه هي الحال لمعظم الشباب في هذه الفئة العمرية المتأخرة عن الزواج، فلا حلول عند الحكومة لهؤلاء الشباب (البردانين) فعليا وعاطفيا، ولا أي مساعدة تسعى حكومتنا لتقديمها على أي صعيد في هذا الشأن.
حتى وإن طرحت تسهيلات للمواطن، فهي بمثابة إبر تخدير، لا تقدم ولا تؤخر، كمشاريع السكن الشبابي التي تشترط دفع ملايين الليرات كدفعة أولى للتسجيل على شقة سكنية وأقساط شهرية تقدر براتب موظف ×10، لتستلم منزلك الموعود بعد عشرات السنين عندما تصبح إنسانا مسنا وبدون أسنان.
أما القروض الشخصية (حدث ولا حرج)، فهي تحتاج لرحلات بحث عن كفلاء موظفين في قطاعات حكومية حصرية وبشروط ومعايير تعجيزية، لتحصل بالنهاية على قرض بفائدة تقترب من نصف المبلغ، ولا يكفي لشراء حاجة واحدة من حاجات المنزل كغرفة نوم أو ثلاجة.
في نهاية السهرة، وبعد التفكير والتمحيص، توصلت أنا وصديقي طارق إلى حل مناسب لمشكلتنا، وهو السفر إلى جنوب إفريقيا والبحث في دول المجاعات عن (بنت حلال)، لعلنا نجد هناك من يرضى بالزواج بنا دون شروط، ثم ننصب خيمة ونعيش بها، وننقاسم الحياة على السراء والضراء، بعد أن نمزج مجاعتنا مع مجاعتهم.
ولكن فجأة ظهرت لنا مشكلة لم تكن بالحسبان، وهي عدم قدرتنا على تأمين المبلغ اللازم للسفر والبحث في دول المجاعات، فألغينا المشروع مؤقتا وقررنا إعادة فتح ملف فادي الدباس والفساد بالاتحاد الرياضي العام.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: