Sunday April 20, 2025     
00
:
00
:
00
  • Street journal

استئجار البطاقة الذكية

استئجار البطاقة الذكية

حبيب شحادة

 

رغم ذكاء البطاقة الذكية، إلا أنّ الأحداث اليومية تنبئ بأنّ السائق أذكى منها بكثير، والأذكى من الإثنين تجار الأزمة، الذين يقتنصون الفرص دائما لزيادة أرباحهم " كمن يصطاد بالماء العكر". 

ما أن تدخل بشوارع فرعية في ريف دمشق حتى تتكرر أمامك نفس المشاهد لسيارات على نوعيها العمومي والخصوصي، يقوم أصحابها بسحب البنزين من السيارة وتعبئته بكالونات. والسؤال هنا ما الغاية من ذلك؟ 

ما يتبادر للذهن وللوهلة الأولى أنّ السائق يقوم بسحب البنزين بِغية بيعه بالسعر الحر، ولكن ما أن اقتربنا من إحدى السيارات التي تقف بين مفرق جديدة عرطوز وصحنايا – طريق البساتين- لنسأله عن السبب من جهة وعن سعر اللتر من جهةِ أخرى، حتى سارع السائق في الإجابة نافيا ما تبادر لنا " مو للبيع الله وكيلك الحياة صعبة وبدنا نعيش " حيث يقوم السائق بسحب البنزين الموجود في السيارة لإعادة تعبئتها من جديد. وعند الاستفسار عن آلية التعبئة الجديدة حيث لا يحق للسيارة الا التعبئة لمرة واحدة كل 48 ساعة حسب التعليمات الأخيرة " قال بأنّه يملك بطاقتين. بطاقة له وبطاقة لأحد أقاربه اللذين لا يستخدمون السيارة. وأعطوه البطاقة كخدمة إنسانية. 

وهذا حكماً أحد أوجه التعاون بين الناس التي مازالت تعيش أخلاق الوطن والمواطنة في ظل أزمة المحرقات وما سبقها العديد من الأزمات، حيث أنّه لا ضير من مساعدة الأخرين طالما أنّك تستطيع ذلك دون إعاقة عملك اليومي. 

لكن في جولة قصيرة على إحدى الكازيات في جديدة عرطوز، فوجئنا بأنّ أحد السائقين يمتلك ستة بطاقات، وعند الاستفسار عن آلية حصوله على هذه البطاقات الستة، أجاب سائق التكسي "بأنّ الحياة صعبة، وبدنا نلاقي أسلوب لنعيش". وعند الالحاح لمعرفة طريقة حصوله على هذه البطاقات قال بأنّها لأشخاص لا يُشغّلون سياراتهم، مضيفاً بأنّ ذلك ليس خدمة بلا مقابل، أي ليس مجاناً. وأنّ كل عملية تعبئة يدفع السائق لصاحب البطاقة ألف ليرة. بالتالي هو يستأجر البطاقة الذكية ويدفع الأجرة عن كل مرة تعبئة خلال 48 ساعة ألف ليرة لصاحبها الأصلي.

غيضٌ من فيض ما يعيشه الشارع السوري يومياً، إلا أنّها احدى الطرق التي تفوقت على ذكاء البطاقة الذكية، وجعلت الناس تعتاش على بعضها البعض في ظل أزمات متكررة ومتلاحقة، ما يؤزم إيجاد طرق لمعالجتها وبالتالي حلها.

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: