لا تعويضات لفقراء المخالفات في جنة "سرور"
حسان يونس
لم تمر تصريحات عضو مجلس محافظة دمشق "فيصل سرور" خلال الفترة السابقة دون إحداث جدل أو تساؤلات حول ماهية الخطة الموضوعة من قبل المحافظة لإعادة إعمار المناطق المهدمة أو المخالفة في دمشق ومحيطها.
في كل مرة يخرج علينا سرور بتصريحات ما أنزل الله بها من سلطان !..مدعياً فيها الشفافية والوضوح، فهو يقرّ خلال مقابلاته بقانونية التعويضات لأصحاب العقارات والأراضي في مناطق التنظيم، لمن امتلك عقد "ملكية أو وكالة"، ولكن يؤكد في نفس الوقت غياب التعويضات عن أصحاب الأبنية المخالفة في نفس المناطق بحجة غياب أي وثيقة رسمية تثبت ملكية صاحب العقار.
وهنا لا بد من الإشارة إلى التصريحات التي خرج بها سرور أمس خلال حديثه لإحدى الإذاعات المحلية عن التصور التنظيمي لمنطقة القدم والعسالي، والتي بشّر فيها بتغيير اسمها إلى "باسيليا سيتي" موضحاً أنّ المعنى يعود إلى أصل سيرياني بمعنى "الجنة" !.
وقال إن أصحاب الأراضي في منطقة القدم والعسالي سيتقاضون ثمن الأرض بالسعر "الرائج" مقابل أسهم تنظيمية عن طريق إثبات الشخص علاقته بالأرض بوكالة أو بحكم أو بعقد، إلا أنه رفض تسليم المحال والمنازل المخالفة، على اعتبار - والكلام لسرور- أنه "من غير المنطق إعادة 20 بيت مهدم ضمن منطقة مخالفة لأصحابه (كحارة الخشيفاتي) لكي يعيدوا بناءه"، حاسماً ذلك بالقول: "لا قرار بعودة أصحاب المخالفات إلى المنطقة، إلا إذا جاء قرار من سلطة أعلى منا"، ليكون العدل عند سرور بحسب الكم أو العدد، وليس موجهاً إلى أصحاب الدخول المتوسطة الذين ناضلوا في سبيل امتلاك منزل ولو بأقل المواصفات في إحدى العشوائيات التي نسبتها أكثر من النصف في العاصمة، وكأنّ المهجر من تلك المنطقة كان له الخيار عندما قدم إلى دمشق أن يشتري منزلاً في النظامي، ورضي بشراء منزل في عشوائية، تفتقر إلى أبسط الخدمات.
وكان سرور اعتبر سابقاً أن سكان المخالفات بالأساس بنوا منازلهم على أرض ليست لهم، قائلاً "لو تنظمت منذ البداية لما وصلنا إلى هذا الكم الكبير من العشوائيات اليوم، لذا لن يكون لهم تعويض عن الأرض التي تنوي المحافظة تنفيذ مخططات تنظيمية فيها"، وقوبل يومها تصريح سرور بموجة غضب بين المواطنين، الذين تساءلوا عن سبب تأخر المحافظة في تنفيذ مشاريعها التنظيمية، في وقت كانت فيه المناطق العشوائية تزداد وتتسع على مرأى الجميع، وتشهد عمليات بيع وشراء دون أي إشكال.
فيما رأى آخرون أنّ حالة الغليان في أسعار العقارات في النظامي، دفعت أصحاب الأموال إلى التوجه لمناطق المخالفات، مما جعل السوق العقاري في المخالفات تنشط أكثر على حساب النظامي، وبذلك تكون تلك التصريحات في خدمة أصحاب السوق الأكبر والأغنى، على اعتبار أن المخالف لا مستقبل له.
في النهاية لا يمكن فهم التصريحات عن غياب أي تعويض لأصحاب المخالفات في مناطق المخططات التنظيمية في دمشق، من قبل من يعتبرون أنفسهم مؤتمنين على دمشق، وليس غريباً أن يخرج علينا من وقت لآخر من يحاول أن يدق إسفين الفتنة الطبقية، وبكلام يصل إلى أدنى درجات السوء وعدم الاكتراث بمأوى الألاف، ولكن الغرابة أن يكون توقيت ذلك مع الحالة الاقتصادية المتأزمة في البلد، حيث الأمور المعيشية بأغلبها سيئة، والأزمات تشتعل واحدة تلوى الأخرى.
المصدر: خاص
شارك المقال: