Tuesday May 13, 2025     
00
:
00
:
00
  • Street journal

الحرب الباردة تتأجج بين حلفاء واشنطن

الحرب الباردة تتأجج بين حلفاء واشنطن

فارس الجيرودي

في أيار من العام 2017 ودون سابق إنذار و بذريعة تصريح لأمير قطر نقله عنه موقع وكالة الأنباء القطرية، مفاده أنه: « لا يوجد سبب وراء عداء العرب لإيران»، قررت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر رسمياً قطع علاقاتها الدبلوماسية بقطر، وفرض حصار اقتصادي، بري-جوي-بحري عليها، متجاهلةً الإنكار القطري لتلك التصريحات، وإدعاء الدوحة أن موقع وكالة الأأنباء القطرية تم اختراقه.

بعدها بشهرين في تموز من نفس العام كشفت صحيفة الـ"واشنطن بوست" في تقرير لها بناء على معلومات سربتها الـ"CIA"" أن موقع وكالة الأنباء القطرية تعرض فعلاً لاختراق قام به قراصنة مدفوعون من دولة الإمارات، لتوفير ذريعة فرض الحصار على قطر، وذلك بعد حصول ولي العهد الإماراتي "محمد بن زايد" وحليفه ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" على ضوءٍ أخضر من إدارة ترامب للبدء بحملة ضغوط دبلوماسية واقتصادية وعسكرية، تهدف لإسقاط نظام آل ثاني، وذلك خلال زيارة "دونالد ترامب" الشهيرة للرياض، والتي تم التوقيع خلالها على صفقات ضخمة مع السعودية للاستثمار في البنية التحتية الأمريكية .

تسريب المخابرات الأمريكية ألقى الضوء على صراع أهم احتدم في واشنطن، بين مراكز صنع القرار الأمريكي، مما انعكس على علاقة أتباع أمريكا في منطقة الشرق الأوسط ببعضهم، ففيما تحتفظ أجهزة الدولة الأمريكية العميقة (وزارة الخارجية و CIA و البنتاغون) بعلاقات دعم لمحور قطر-تركيا، الذي أدى الدور الرئيسي في تأجيج حملة التغيير الواسعة المدعومة من واشنطن والتي سميت بـ "ثورات الربيع العربي"، يتلقى محور الإمارت-السعودية-مصر، دعماً من البيت الأبيض.

وشكل مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وتقطيعه في قنصلية بلاده في اسطنبول، فصلاً جديداً من الصراع بين المحورين، حيث استغل رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" الحادثة لممارسة ضغوط على السعودية، بهدف رفع الحصار عن قطر، فدعى إلى تحقيق دولي، وشنت الجزيرة حملة إعلامية ضخمة لتغطية حادثة الاغتيال، التي ربطتها المصادر التركية بأوامر مباشرة من ولي العهد السعودي، لكن لم تفلح محاولات أردوغان لمقايضة إغلاق التحقيق بق خاشقجي برفع الحصار عن قطر. 

آخر المعلومات المتسربة عن الصراع بين حلفاء أمريكا الشرق أوسطيين، تشير إلى نية الإمارات استغلال الذكرى السنوية للإبادة الأرمنية في نيسان المقبل، لتعلن اعترافها بالمذبحة العثمانية بحق الأرمن عام 1915، مما سيهدد بقطعٍ كاملٍ للعلاقات بين أبو ظبي وتركيا، علماً بأن العلاقة شهدت توتراً على خلفية اتهام وسائل الإعلام المقربة من حزب "العدالة والتنمية"  التركي للإمارات بتمويل الانقلاب العسكري الذي كاد يطيح برئيس الحكومة وقتها رئيس الجمهورية الحالي "رجب طيب أردوغان".

وكان أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، قد كشف في المقابلة التلفزيونية الأخيرة التي أجراها في كانون ثاني الماضي، أن كلاً من السعودية والإمارات، ولاعتبارات مذهبية وطائفية، تعتقد أن تمدد النفوذ التركي هو الخطر الأول على نظاميها، وبما يتفوق على الخطر الإيراني من حيث أولوية مواجهته.

وفيما يتحول الصراع بين حلفاء واشنطن في المنطقة إلى صراع صفري(لا تسوية له إلا بهزيمة أحد المعسكرين)، تتوثق علاقات كل من تركيا وقطر، بإيران أكثر، وذلك بما يتناسب طرداً مع تردي علاقتهما بمحور السعودية-الإمارات، حيث لم تستجب تركيا لدعوات واشنطن للالتزام بالعقوبات الاقتصادية على طهران، على خلفية انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع معها من طرف واحد، إذ تحتفظ تركيا بتبادل تجاري مع إيران يقدر بـ15 مليار دولار سنوياً، كما ترتبط معها بتنسيق سياسي حول الأزمة السورية، وذلك من خلال لقاءات سوتشي والأستانة.

أما قطر التي شكلت الحضن الدافئ لجماعة الإخوان المسلمين، والمنبر الرئيسي للتحريض على إيران منذ اندلاع الصراع المسلح في سوريا، فلم تجد إلا المجالين الجوي و البحري الإيرانيين، منفذاً ومنقذاً لها من الحصار الخانق الذي مارسته ضدها شقيقاتها الخليجيات. 

 

 

 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: