"هيام الحموي".. راهبة الصوت الجميل
بديع صنيج
«اخرجوا من ذواتِكم النرجسية، واقبلوا أن هذه مهنة لها أدواتها» هذه النصيحة تُقدِّمها الإعلامية "هيام الحموي" لكل المتدربين عندها، ولعل صورتها التي انتشرت مؤخراً في مؤتمر إطلاق مسلسل "مسافة أمان" وهي تحمل الميكروفون عالياً لتُقرِّبه من مكبرات الصوت، وثيقة اقتنصها المصور "يوسف بدوي" لالتزامها بفكرتها عن مهنة المُذيع الذي لا يهتم بـ"الشهرة"، بقدر محافظته على مصداقيته، ومهنيته، وتفكيره بأنه ليس محور كل شيء، وإنما خادمٌ لفكرة أسمى هي "الإذاعة".
صاحبة الصوت الإذاعي الأجمل، ما زالت تُصر على إسعاد الناس من خلال صوتها، وأن تُضيف إليهم جديداً ومفيداً في كل لقاءاتها، بحيث لا يخرج المستمع إلى أحد برامجها كما دخل، لأن ثمَّة هاجس دائم لدى "الحموي" في ملء فراغ البث بشيء له قيمة، والجميل أنها رغم آلام ظهرها ترفض إلا أن تؤدي واجبها على الوجه الأمثل، فهي لا ترى أن "مذيع التغطيات الخارجية" درجة ثانية، لذا ما زالت ترفض أن تتربع على "عرشها" في الأستوديو من أجل اللقاءات الحية والمباشرة، مع تأكيدها المستمر على أن ما تشتغله هو «فن إذاعي وليس إذاعة» كما يقول المخرج الإذاعي "حسام العاتكي"، وهو ما يدفعها لأن تصلب ذاتها من أجل جودة أفضل للتصريحات التي ستحكي عنها ومع أصحابها، وكأنها حارسة للصوت، أو راهبة ترفض لقداديس الأصوات إلا تكون بأبهى حلة في كاتدرائية الإذاعة، إذ تسعى ابنة الاثنين وسبعين عاماً لأن يكون كل ما تشتغله بمثابة «نثرات من ذهب الزمان»، لأنها صائغة ماهرة للحدث الإذاعي، ولدراماه المروية، وموثِّقة من الطِّراز الرفيع، وشاهدٌ حيّ على تاريخنا المُعاصر، ومثال مهم عن ثقافة الصوت ووعيه بموضوعه، لدرجة لن تلقى صدقاً أبلغ من صوتها الممتلئ بالحميمية تجاه محاوريها، مما يمكِّنها من اقتناص الكنوز منهم، لتجمع لُقى متحفها الصوتي أثراً بعد أثر، وتَطبَعَ روحها المتوثِّبة حلقةً بعد حلقة منذ "إذاعة خاصة جداً" على مونتِ كارلو، و"ليل وأوضة منسيّة" في إذاعة الشرق، و"نثرات من ذهب الزمان" على شام إف إم، وغيرها الكثير.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: