Sunday June 8, 2025     
00
:
00
:
00
  • Street journal

"سوق سوداء" طرطوس تحضر "لبن العصفور" لزبائنها

"سوق سوداء" طرطوس تحضر "لبن العصفور" لزبائنها

نورس علي

عانى "محمد ح" مالك لسيارة سياحية خاصة من التنقل بين مختلف محطات الوقود الموجودة  في مدينته "بانياس" لتعبئة سيارته ولكن دون فائدة، فالازدحام الكبير عائق ونفاذ المادة من المحطات عائق آخر، قبل أن يلجأ إلى الأكشاك المنتشرة على الأوتوستراد الدولي "طرطوس- اللاذقية" لشراء حاجته من المحروقات بسعر 300 ليرة لليتر الواحد، فقد دفعها وهو سعيد بإنجازه.

مرات عدة عاد "محمد ح" إلى منزله وهو سعيد بحصوله على البنزين لزوم تنقلاته اليومية بين العمل والمنزل والسوق، ولكنه قال أثناء حديثه لجريدتنا. كيف تتوفر المادة في هذه الأكشاك وتكون قليلة في المحطات إن لم تمكن معدومة بحسب العاملين عليها؟!! فمرات عدة وصلت إلى المحطة بعد ساعات طويلة من الانتظار على الدور ليخبرني العامل بأن الكمية انتهت.

هي السوق السوداء التي لم تبخل يوماً طيلة فترة الحرب الطاحنة على زبائنها بوفرة المواد المقطوعة من مصادرها، على الأوتستراد الدوالي "طرطوس- حمص" يمكننا أن نجد لبن العصفور لو أردناه، ناهيك عن كالونات البينزين والمازوت وجرار الغاز المنتشرة في طوله ضمن الأكشاك.

وهنا صرح رب الأسرة "فائز ش": «كنت أقف في دور الانتظار النظامي لأيام عدة كي أحصل على جرة غاز لكن دون فائدة، بينما كنت أشتريها بكل سهولة ويسر بسعر 4500، أي زيادة حوالي 1800 ليرة عن سعرها النظامي، حيث كنت أتغنج على البائع ليوصلها إلى منزلي بذات السعر».

الشاب "عروة س" وهو خريج كلية الاقتصاد يؤكد أن وفرة المواد المقطوعة كالمازوت والبنزين والغاز بشكل عام في السوق السوداء، أمر معتاد في ظل غياب الرقابة وجشع بعض التجار، فالسوق السوداء بالعموم تنشط في الأزمات وتخلق تجارها اللذين هم من صغار الكسبة ويعملون لصالح شخصيات معروفة ومرموقة في البلاد، فمن منا قادر على تأمين جرة غاز مثلاً، غير المعنيين والقائمين على تلك السلع أساساً، مما يؤكد أن الحلقة ليست مفرغة وإنما دائرة ومتكاملة.

ربة الأسرة "رنا ش" وهي وافدة من محافظة "حلب" أكدت أنها في يوم من الأيام وخلال إقامتها في مسقط رأسها، انقطعت مياه الشرب عن الحي الذي تسكن فيه نتيجة تلوثها وهي قصة معروفة للجميع ويمكن لأي شخص مراجعة مواقع الإنترنت وخاصة منها المعنية بالشأن الحلبي لإدراك صحة الحادثة، وتابعت: «حين انقطاع المياه وجهت الحكومة الجهات المعنية بتزويد المحافظة بالمياه المعلبة القادمة من "طرطوس" "مياه الدريكيش" بالمجان، فأحضرت سيارات كبيرة من المياه إلى المحافظة، ولكن تفاجأنا حين التوزيع بأنه علينا دفع ثمنها للموزعين، حيث بيعت العبوة الواحدة بسعر 1000 ليرة، وبعد تقصي عن الأمر علمنا بأن مجموعة من تجار السوق السوداء "الأزمة" تفاوضوا مع القائمين على توزيع المياه قبل دخولها إلى الحدود الإدارية للمحافظة، لاستلام المهمة مقابل مبالغ مالية كبيرة، ليتكفلوا ببقية القصة وبيعها بدل توزيعها بالمجان».

هامش: في العام المنصرم أدركت الجهات المعنية خطر السوق السوداء المتمثلة في الغالب بالأكشاك المنتشرة على الأوتستراد الدولي "طرطوس- اللاذقية" على السوق النظامي والحركة الاقتصادية بشكل عام، فأصدرت توجيهات بإزالتها جميعها وتوقيف عملها مهما كان، وتعريض أصحابها للمساءلات القانونية، مما أدى إلى وفرة الكثير من المواد التي كانت مقطوعة في الأسواق النظامية، ولكن الاكشاك  عادت من جديد بعد عدة أشهر، والسوق السوداء اليوم تتحكم بسعر صرف الدولار أيضاً، وقد جعلت من البعض أصحاب رؤوس أموال ضخمة.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: