"القرّة".. رمضان الماضي البعيد في "الجزيرة السورية"
عبد العظيم العبد الله
طقوس جميلة وعادات اجتماعية طيبة هي ذكريات الزمن البعيد في شهر "رمضان"، صنعها أبناء ذلك الوقت، فقد كان الشهر فرصة لتعزيز تلك العلاقات، وتوحيدها على مائدة "فطور رمضان"، لم يبق من تلك الأيام الجميلة إلا ذكريات من عاشها وعاصرها، فقد حرم منها أجيال وأجيال، ونسيت بشكل أكبر خلال سنوات الحرب على العباد والبلاد.
تبقى تلك الأيام في ذاكرة كبار السن، أهل الخير ووجهاء المنطقة، ويتذكرونها اليوم في مجالسهم، وعلى موائدهم الرمضانية الصغيرة، التي تحن للموائد السابقة الكبيرة.
"صالح الحاج المحمود" أحد وجهاء عشيرة "العباسيين الكردية" في "الجزيرة السورية"، وخلال حديثه لجريدتنا بيّن تفاصيل كثيرة تتعلق بطقوس شهر رمضان في الماضي البعيد، فقد كان الشهر يبدأ بوليمة القرّة وأضاف قائلاً: «القرة هو أوّل أيام "رمضان"، يبادر كبير القوم والعشيرة والقرية بذبح الذبائح وتجهيز الولائم لكل أفراد القرية والمنطقة، يجهز الأكل لمئات الصائمين وغير الصائمين من أبناء المنطقة، والأكلة تتميز بوضع كميات من الزبدة العربية والسمن العربي عليها، لتضفي عليها طعماً لذيذاً، إلى جانب تطوع نساء القرية أوالمنطقة بمساعدة أسرة صاحب الوليمة لصناعة خبز الصاج، لأنه أهم عنصر للقرة».
ونوّه "المحمود": «رمضان السابق كل يوم تقريباً كانت هناك ولائم للصائمين بشكل خاص، ولغيرهم من أبناء الجزيرة السورية».
وتابع عن طقوس ذلك الوقت بالقول: «كان هناك ليلة الجمعة استنفار كبير لكبير القوم، أيضاً يقوم بالذبح الكثير وتجهيز الموائد لأكبر قدر من الأشخاص ليفطروا على مائدته يوم الجمعة، هذا اليوم وطوال الشهر الفضيل كان معداً للولائم».
شكّلت تلك الأيام علاقات اجتماعية طيبة بين كافة أطياف وألوان المنطقة، دائمة وباقية تلك العلاقات بتميزها ونقاوتها، ويشيد الأهالي حتى اليوم بلحظات الماضي الجميل وهم يتجمهرون ويتجمعون حول موائد شهر رمضان، وقد بيّن تفاصيل أخرى عن ذلك الزمن قائلاً: «آخر جمعة في شهر رمضان، سميت بالجمعة اليتيمة، لأنها جمعة الوداع من شهر رمضان المبارك، وفي هذا اليوم بالذات كان الناس بشكل عام يتنافسون لتجهيز الموائد والولائم، في غالبية المنازل كانت تقدم الدعوات ليتشاركوا بآخر فطور في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، رغم أن الأكل متوفر بكثرة هذه السنوات، وكل أشكال الخضار والفواكه منتشرة وبكميات كبيرة بخلاف سنوات الماضي البعيد، لكن تلك الأيام ورمضانات السابق كانت لها نكهة اجتماعية مميزة، والخير كان وافراً، والعزائم كانت أبرز اللوحات الاجتماعيّة».
يحاول بعض الوجهاء في المنطقة الحفاظ على الموروث الاجتماعي الجميل لأيام وطقوس شهر رمضان، ورصدت جريدتنا بعض تلك الطقوس في بعض المناطق من محافظة "الحسكة" خلال شهر رمضان الحالي.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: