فوائد التقنين 4×2
محمد عيسى محمد
قررت بالأمس أن أستقل تكسي أثناء عودتي من العمل، ودائما قبل أن أتخذ قرار الركوب بالتكسي، أتهيأ نفسيا لاستدراج سائق التكسي بحديث ودي كي لا تنتهي المفاوضات على الأجرة بعراك أو مشاجرة.
ومع إدراكي أن محور حديث أي سائق تكسي سيكون عن أزمة المحروقات والبطاقة التي توصف بالذكية، وجل مشاركتي ستكون بجملة (صحيح هالحكي) أو كلمة (مظبوط)، إلا أنني هذه المرة سأحاول اختيار الموضوع لعلي أحظى بقدر بسيط من المشاركة.
لوحت بيدي لأول تكسي ظهرت بالطريق، وبعد السلام والاتفاق على العنوان، صعدت بالسيارة، وكان سائق التكسي شاباً ثلاثينياً، أنيق المظهر ومتزناً، لبقاً بالحديث، وتغلب على ملامح وجهه الطيبة.
ووفقا لقراري السابق، افتتحت الحديث بقولي: "آمل أن نصل بسرعة قبل أن يبدأ موعد التقنين"، وكأن جملتي كانت المفتاح المناسب لموضوع المعاناة مع نظام التقنين الجديد 4×2.
فابتسم السائق ابتسامة تشوبها السخرية وقال لي: "عليك أن تفقد الأمل، يبدو أننا انتقلنا من مرحلة انتظار تحسين وضع التيار الكهربائي، إلى مرحلة الاستغناء عن الكهرباء نهائيا، وعلينا التأقلم مع هذه المرحلة والبحث عن موارد بديلة بعيدا عن وعود المسؤولين عن الأمر".
أجبته: "صحيح، لقد أصبحت منازلنا متخمة بالبطاريات والمولدات والمحولات والمقويات لمعظم الأدوات الكهربائية، ولم نعد ننتظر موعد قدوم الكهرباء إلا لإعادة شحن البطاريات، لدرجة أننا اعتدنا على ضوء الشموع والليدات، وأصبح لكل فرد بالعائلة (بيلاً) خاصاً به وإضاءة خاصة به أيضا، وأضحى كل شيء في المنزل مرفقاً بضوء صغير، فالولاعة مع ضوء، والقلم مع ضوء، والهاتف الثابت مع ضوء، والمرايا مع ضوء وغيرها".
وبعد عدة دقائق من تبادل أطراف الحديث بين الشكوى والمواساة والضحك والسخرية مع السائق، بدأت تتبلور معالم صداقة مؤقتة بيننا، فاقترح علي أن نتوقف بجانب أحد المقاهي لنشرب شاياً ونرجيلة لكونه من سكان المنطقة التي أسكن بها ويعلم أن التقنين في منطقتنا ما زال في ساعاته الأولى.
من ناحيتي وافقت على الاقتراح، وبعد مضي ساعتين في المقهى، واقتراب موعد نهاية التقنين، قررنا العودة وإكمال المشوار إلى المنزل.
وعندما وصلت كان وقت التقنين انتهى، لكن بعد 10 دقائق تقريبا، انقطع التيار الكهربائي فجأة، وكالمعتاد فإن السبب هو ضعف المحولة الرئيسية وعدم قدرتها على العمل في ظل الضغط المتزايد واستخدام المدافئ الكهربائية كما يدعي موظفو الطوارئ.
وعلى عكس الروتين اليومي، لم أبدأ بنوبة الشتم والسب، بل ابتسمت وتذكرت أن من أهم فوائد التقنين الحالي بالنسبة لي، هي حصولي اليوم على صديق جديد، والذي رفض أن يتقاضى أجرة التوصيلة "كعربون صداقة"، الشيء الذي جعلني أشعر بالفرح والسعادة والامتنان للوزارة المسؤولة عن قطع الكهرباء.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: