مخاض إنتاج اللجنة الدستورية

حبيب شحادة
بعد سنة من الحرب على سوريا، بدأت المساعي الدولية لحلها، وتم الاتفاق على وقف لإطلاق النار بموجب خطة للمبعوث الخاص للأمم المتحدة أنداك كوفي عنان، لكنه فشل واستقال، ليخلفه الأخضر الإبراهيمي الذي قاد أطراف الصراع إلى جنيف، التي عُقد فيها عدة جولات من المفاوضات بدءاً من جنيف 1 (عام 2012) وانتهاء بجنيف 8 (2017) مروراً بمؤتمرات فينا 1و2 (2015).
هذا الفشل على مستوى مؤتمرات جنيف وملحقاته، قاد إلى مؤتمر سوتشي (30/ك 2/2018) والذي نتج عنه الاتفاق على تأسيس اللجنة الدستورية التي ستعدل الدستور الحالي وفقاً للقرار 2254، والدعوة لإجراء انتخابات ديمقراطية.
وذلك حيث أن اللجنة الدستورية كان من المفترض أنها سَتشكل وفقاً لسوتشي من طرفي الحكومة والمعارضة، ولكن بمساعٍ حثيثة من دي مستورا تم إقحام طرف ثالث وهو المجتمع المدني، وبذلك تم العمل على إنشاء غرفة خبراء في جنيف ضمن غرفة دعم المجتمع المدني، التي تحتوي العديد من الخبراء القانونين السوريين والذين يعملون بشكل مستمر حول موضوع الدستور.
إلا أن تشكيل هذه اللجنة مرَ بالعديد من المخاضات، تم خلالها تسريب العديد من القوائم على أنها قائمة اللجنة الدستورية المعتمدة، حيث لعبت مصالح الدول المتناقضة دوراً كبيراً في تأخير تشكيلها زمن المبعوث السابق دي مستورا. ما أخر الهدف من إنشائها وهو إطلاق عملية سياسية تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف.
كما أن مسار تشكيل اللجنة الدستورية سار ببطء ولم يخلُ من الخلافات بين الضامنين الثلاث، وتحديداً لجهة تشكيل القائمة الثالثة (المجتمع المدني) التي اعترضت عليها الحكومة السورية خلال زيارة المبعوث السابق دي مستورا إلى دمشق (ت1 2018)، والتي صرح خلالها وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن مسألة الدستور شأن داخلي سوري.
هنا أصبح تشكيل اللجنة الدستورية عقدة مستعصية تحتاج للحل نتيجة تصاعد الخلافات بين مختلف الأطراف وخصوصاً لجهة صلاحيات هذه اللجنة، ما حدا بموسكو للتدخل وتكثيف الجهود لدى معظم الأطراف والعمل على حلحلة عقد تشكيلها خصوصاً لجهة تشكيل القائمة الثالثة التي لاقت رفضاً من قبل تركيا وإيران ودمشق.
كل هذه الخلافات أجلت تشكيل اللجنة الدستورية التي كان من المتوقع أن تبدأ عملها أوائل العام 2019، واليوم مع تسريب القائمة الأخيرة من أسماء اللجنة الدستورية بقوائمها الثلاث، التي لم تصدر بعد بشكل رسمي، إلا أنها أثارت العديد من الردود والخلافات لدى الشارع السوري وخصوصاً لجهة الأسماء المتواجدة في القوائم الثلاث.
ولا يمكن إنكار أن مسألة تشكيل اللجنة خضع لمبدأ المحاصصة بين القوائم الثلاث من قبل كافة الأطراف، لتخرج بصيغتها الحالية غير الرسمية، والتي تضم 150 اسماً مقسمة بين 50 ممثل من الحكومة السورية، و50 من المعارضة و50 من المجتمع المدني، ليصار بالنهاية إلى اختيار (15) عضواً منهم، (خمسة أعضاء من كل قائمة) لإعداد دستور جديد لسوريا.
ومع استلام المبعوث الجديد غير بيدرسون لمهامه، ومن خلال جولاته على عواصم الدول المعنية بالملف السوري، يتوقع أن يكون هناك استمرارية لعمل سابقه دي مستورا، وبالتالي الإعلان الرسمي عن اللجنة الدستورية التي ستنتج دستور جديد لسوريا يكون أحد عوامل التسوية السورية.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: