أين سيذهب جماعة "الدولة ولاك" بعد العيد.. وأين قضوا عيدهم.. وما هو مصير أسلحتهم؟
كريم مهند شمس
يبدو أن طقوس هذا العيد بقيت حكراً على البعض دون غيرهم، تماماً كالأعياد القليلة السابقة، وهو ما يعدّ نتيجةً منطقيةً لما تعيشه البلاد من مفرزات الأزمة اجتماعية أكانت، أم على المنحى الاقتصادي المتضرر من وضع العملة والفجوة بين القدرات الشرائية ودخل المواطن العادي.
ولهذا يمكننا تصنيف الناس بهذه الأيام إلى أربعة فئات، فمنهم من قرر تمضية العيد في منازلهم، بغرض التوفير الاقتصادي أو تحضيراً للامتحانات الجامعية والثانوية، وآخرون يستطعيون تحمل كلفة رحلة ما إلى المناطق السياحية في البلاد وربما خارجها، وفئة ثالثة التزمت بالزيارات العائلية و"المعمول" المُعد منزلياً كنشاطٍ وحيد لعيدهم.
أما النوع الرابع، وهو أكثر المستمتعين بالعيد تقريباً، فيمكن حصره بما شاع تسميته على "السوشيال ميديا" بجماعة "الدولة ولاك" وهم (علمياً) مجموعة من الأطفال الذين يعيشون مراهقة مبكرة، ومراهقين يعيشون سنهم، وشباب لايزالوا مراهقين، مضافين لبعض كبار السن الذين لم يسمح نمو وعيهم بعد بتقبل أعمارهم.
هؤلاء مجتمعين كانوا الأكثر حنكةً هذا العيد، حيث سهل رصدهم بوضوح خلال الأيام القليلة الماضية، في حالة من الاجماع منهم على التمركز بالحدائق العامة، وساحات ألعاب العيد، وفي المقاهي الرخيصة التي تقبل على نفسها المعيبة القانونية والأخلاقية في تقديم ما لا يجب تقديمه لمن هم دون ال١٨ عاماً، طبعاً ودون أن نغفل المعارك المنظمة التي كانت تدور هنا وهناك، سواء باستخدام بنادق ومسدسات "الخرز" و"الفتيش" بشوارع وأبنية المدينة، أو نظيرتها الإلكترونية في صالات الألعاب (الكونتر).
ولأننا لسنا في موضع يخوّلنا لانتقاد ألعاب الأطفال التي لعبها معظمنا في صغره (ما عدا كم عين قُلعت من الخرز هنا وكم عجوز ارتفع ضغطه من الفتيش هناك)، وكذلك لسنا بصدد إثارة جدليات أخلاقية حول ما يجري في الزوايا المظلمة والمنيرة للحدائق وساحات الألعاب بين قاصر وآخرى أو قاصرة وبالغ، ومناقشة إذا ما كانت حرية شخصية أو منظر خادش للحياء وتحرش، وحتماً لن نتحدث عن قانونية وأخلاقية بيع الكحول والسجائر وتقديم الأراكيل للقواصر والقاصرات، لأن هناك ما يكفي لبناء مدينة ورقية من الدراسات والتجارب العالمية التي تؤكد أن عدم حصول الفرد على تلك الأشياء وهو في مرحلة المراهقة سيقلل من احتمالية اعتيادها في سن بلوغه بنسبة كبيرة جداً.
وحيث أن لم يبق شيء لنخوض فيه بعدما استثنيا كل ما سبق، وحتى لا نفتح على انفسنا أبواب وشبابيك لبحوث ودراسات وتحقيقات لن تزيد شيئاً مهما بُذل من جهد عليها ما دام لا حياة/حياء لمن تنادي، وما بقي الطاحون يغني بنا ونحن نغني به، وهو ما يترك لنا إجابة يتيمة صغيرة نضعها هنا لنختم بها، وهي ماهية المكان الذي سيذهب له جماعة "الدولة ولاك" بعد العيد.
ومن خلال البحث والتدقيق والرصد والتعمق، خلصنا بنتيجة مفادها أنه من الطبيعي عودتهم جمعاً مع انتهاء العيد للانخراط بالمجتمع والتماهي معه، حاملين ما اعتادوا حمله من أفكار وعادات وعشرات القصص المشوّقة ليحكوها لأترابهم علّهم ينضمون لهم العيد المقبل.
سينخرطون بذلك المجتمع الذي اعتاد تلقف واحتضان مفرزات الأزمة واحدة تلو الأخرى والتعايش معها واعتيادها، دون أن يزيد سلوكه اتجاهها عن منشور تهكمي على مواقع التواصل الاجتماعي، قد يقرأ أو لا من الجهات المعنية التي إن حصل وتأثرت، ستكتفي بتقديم منشور آخر لكن استنكاري هذه المرة عن قضية لن يتخذ بحقها أي إجراء يذكر، وإن اتخذ فهناك احتمالية عالية لقبض أحد مُنفذي القرار لرشوة ما من صاحب مطعم أو دكان مخالف ستكون كفيلة بإعادتنا للمرحلة الأولى مراراً وتكراراً، أي مرحلة المنشور التهكمي المُعتاد، الذي تكاد تكون هذه السطور شكلاً من أشكاله.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: