Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

بين دير الزور ودمشق.. "أم طه" والمعلم؟

بين دير الزور ودمشق.. "أم طه" والمعلم؟

خاص/ حسن سنديان

على ما يبدو أن هذا اليوم كان على غير عادته بالنسبة لي.. بعد عمل شاق أخذ الكثير من الطاقة، ربما أحتاج إلى فطور دسم للتعويض عن إنهاك ساعات مجهدة.. قصدت أحد المحلات في منطقة "المزة شيخ سعد"، يعدّ الفطور الشامي، ربما تغيير على الأقل لا أدري".

"تفضل معلم أهلا وسهلا" بهذه الجملة وابتسامة خفيفة استقبلتنا أنا وصديقتي امرأة شاحبة الوجه تحت عينيها سواد أنهكها نوعاً ما، أخذ ما أراد من هذه الامرأة الخمسينية.. تسأل "تطلعوا لفوق معلم"؟ في إشارةٍ منها عليّ وعلى الفتاة التي دعوتها لهذا الفطور البسيط.

أرادت "أم طه"- "52 عام"، أن تخصص في الطابق العلوي طاولة تليق بنا، لكن ما إن غيرت رأيّ سريعاً.. كان ذلك القسم وكأنه مخصص نوعاً ما لكبار السن.. استبدلتُ الطاولة سريعاً وبدأت "أم طه" بالترحيب واضعةً "صينية كبيرة" على طاولتنا في الأسفل كي تنقل منها الطلبات إلى الطابق العلوي.

سرعة "أم طه" في التنقل والقفز عن الدرج أوقفتني عن تناول الطعام، جعلت نظري يراقبها بدلاً من تناول "الفتة الشامية" التي كادت أن تبرد.. اقتربت إلى الطاولة وقالت "ياخديه" وحملت "الصينية" المملوءة بالصحون، وعند عودتها سألتها عن منطقتها فأجابت: "من دير الزور ماما مهجرة.. أو لقلك مشردة".

بلهجتها القريبة إلى العراقية نوعاً ما بدأت الخالة الحديث عن منطقتها "حي القصور" في دير الزور، وكيف نزحت عندما بدأ الحصار قبل خمسة سنوات، تقول: "لو ما ابني صار معو سوء تغذية ما بطلع".. تلفت وجهها بسرعة وترحب بالزبائن وكأنها هي مالكة المحل لأن الجميع يقصد الخالة "أم طه".. تعود وتتابع الحديث "وما عاد إلنا بيت"!.

تأخذ الامرأة الخمسينية الصحون وتسرع في توصيلها إلى الزبائن وكأنها بنت عشرينية.. تروي لنا قصة هذه الرشاقة قائلةً: "أنا ناجية من مرض سرطان رحم بعدما تم استئصاله، وعندي خلع بالكتف، والتهاب في الأعصاب، ولكن عليّ أن أعمل من أجل الأولاد"، وابتسمت متابعةً حديثها " سوف أصبح في الشهر الثامن جدة".

"أم طه" تتحدث بلهجة غريبة نوعاً ما فبدلاً من القول "عملت - ذهبت.. تقول: عملتو ذهبتو" ظننتها لأول وهلة أنها "مردلية" فأجابت: "لا ماما أنا جوشانية "إحدى أقدم القبائل في المدينة"، جدي حاتم الطائي، ولدي أصدقاء مردليين وكرد وعرب، من القامشلي والحسكة".

 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: