Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

يا «٨٥٠ مبروك».. «بس ليش؟!»

يا «٨٥٠ مبروك».. «بس ليش؟!»

ما إن أطلق وزير التجارة الداخلية "طلال البرازي"، تصريحه الذي دعا فيه لتحرير سعر البنزين للسيارات الخاصة بما يجعل "الطبقة"، التي تمتلك السيارات تدفع ثمن الأزمة، حتى صدر قرار يجعل من البنزين "أوكتان ٩٥"، بسعر ٨٥٠ ليرة سورية لـ "التنكة"، وهذا ما سيشرع زيادة في أسعار المواد الأساسية في الأسوق، فالتاجر لا يقبل أن ينقص من أرباحه الصافية اليومية أي ليرة سورية، حتى وإن كانت هذه الليرة قد تم إنفاقها على "بنزين"، سيارة إبنه أو زوجته التي تحمل جهازها الخلوي الباهض الثمن بين أصابعها المصبوغة بـ "المناكير"، من ماركة فرنسية الصنع "مهربة غالباً"، لتكتب منشوراً عن التعاطف مع الفقراء في وقت مستقطع من "نفس الأركيلة"، في أفخم مطاعم العاصمة، وعلى المواطن أن يقول لنفسه "مبروك"، مردداً إياها ٨٥٠ مرة في اليوم الواحد على الأقل، فأزمة البنزين وفقاً لما يلمس من صفحات السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى انتهاء، إذّ أن السعر قد ارتفع "ومشي الحال".

المشكلة بالنسبة للمواطن لا تكمن في الأزمات وحسب، بل في طريقة تعاطي الإعلام الحكومي مع هذه الأزمة، فغالباً ما يتم التبرير وحسب، وغالباً ما يكون ثمة تقارير إعلامية على الشاشات الحكومية تحاول أن تظهر أن المواطن "مستمتع"، بوقوفه على الطابور بانتظار حصوله على مخصصات سياراته المتهالكة من الوقود، كما إن آلية العمل الإداري في وسائل الإعلام الحكومية دفعت مسؤولاً رفيعاً في الوزراة إلى منع نشر "فوتومونتاج"، نشره أحد المواقع الإلكترونية الحكومية وقد تعرض فيه الصحفي المنفذ للفيديو لـ "أزمة الخبز"، إذ أن "العصفورة"، حدثنا عن أن المسؤول المذكور قال ما حرفيته "ما في أزمة خبز.. بعدين نحن وسيلة حكومية من واجبنا نعزز رأي الحكومة وليس العكس"، ويبدو أن المسؤول الذي تحدثنا عنه لا يدري بما يحدث على أبواب الأفران العامة والخاصة وما خلفته "البطاقة الذكية"، من عرقلة في عملية وصول الخبز إلى البسطاء، بطبيعة أن "خبزاته تصل للبيت"، وربما أن عائلته تفضل "الخبز السياحي"، الذي يصل سعر الربطة منه إلى ١٠٠٠ ليرة سورية، على الرغم من تسعيرها بأقل من ذلك بكثير.

وبحديث الوزير "البرازي"، عن "الطبقة التي تمتلك السيارات"، جعل من المواطن الذي يركب سيارة موروثة عن أبيه مصنعة في ثمانينات القرن الماضي في سوية واحدة مع "أبناء الذوات"، الذين يركبون سيارات حديثة لا تعرف الطريقة التي دخلت فيها البلاد بالرغم من العقوبات المفروضة على سوريا، وهذا النوع من السيارات يحيل المواطن إلى السؤال، كيف تصل إلى سوريا متجاوزة العقوبات الاقتصادية، في حين أن المواد الأساسية والضرورية لا يمكن وصولها، وما الذي يمنع الحكومة من التعلم والاستفادة من خبرة التجار في تجاوز هذه العقوبات، ثم إن الوزير "البرازي"، إن كان قد قدم رأياً ربما يكون فيه شيء من الصحة بأن يكون سعر الوقود محرراً للسيارات التي لا يستحق أصحابها الدعم الحكومي، فإن من واجب الحكومة أن تجد آلية لدعم المواطن الذي لا يمتلك أصلاً سيارة، ويعاني الأمرين من دخله الذي لا يكفي مصروفاً لأسبوع واحد.

بالعودة إلى زيادة "سعر البنزين"، والذي لم يأتي هذه المرة بتبرير محاولة الموازنة مع أسعار دول الجوار بما يقلل من حدة التهريب إليها، فإن دول الجوار أوقفت العملية التدريسية خشية من انتشار فايروس كورونا بين الأطفال الذين هم الشريحة التي من الصعب إجبارها على تطبيق الإجراءات الوقائية من انتشار المرض، وذهبت هذه الدول إلى تطبيق آلية التعليم، إلا أن سوريا كانت الدولة الوحيدة التي شددت فيها وزارة التربية والتعليم على منع إعطاء مدراء المدارس معلومات عن تسجيل إصابات بـ "كورونا"، في مدارسهم تحت طائلة المسؤولية، ويصر الوزير "دارم الطباع"، على إن استمرارية التعليم المباشر هي أفضل، ومع ذلك كان بإمكان الوزير أن يكون رحيماً بالمواطن والوزارة في آن معاً من خلال الذهاب نحو تطبيق آلية التعليم في المناطق التي من الممكن أن يتم تطبيق القرار فيها والتي يتوافر فيها البنية التحتية اللازمة من توافر خدمة الانترنت مع الإشارة هنا إلى أن وزارة الاتصالات معنية بأن توصل الخدمة إلى بقية المناطق السورية التي تعاني من سوء في الخدمة على مستوى تأمين الاتصالات الخلوية والانترنت لها، وإذا ما طبقت فكرة التعليم عن بعد فإن أي مواطن سيكون من السهل عليه أن يشتري لطفله "تاب صيني"، بسعر قد لا يتجاوز ٦٠ ألف ليرة سورية بدلاً من الدخول في معمعة السوق بحثاً عن تجهيز أبنه بما تيسر من ملابس وأدوات مدرسية قد تصل تكلفتها إلى أكثر من ٧٠ ألف، ناهيك عن أسعار التنقل والمصروف اليومي وما إلى هنالك، ولو طبقت فكرت التعليم عن بعد كانت الوزراة ستوفر هذا العام تكاليف إعادة طباعة الكتب المدرسية والتي على ما يبدو ونتيجة لارتفاع الاسعار اضطرت لتدوير جزء من الكتب القديمة لتكون مستخدمة في هذا العام، فلماذا نقتدي بدول الجوار بما يخص الأسعار ولا نفكر بالاقتداء بما ينفع المواطن من حيث حماية طفله أو التخفيف عنه..؟.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: