وزارة الأشغال والإسكان "بلا شغل"!
عمّار الخير
ردَّ الدكتور "سهيل عبد اللطيف" وزير الأشغال والإسكان على استفسارات نواب مجلس الشعب في جلسة البارحة بالقول: «تم الاتفاق بعد عدة اجتماعات على عقد "مؤتمر وطني للإسكان" في منتصف الشهر القادم لمناقشة كل المحاور، وبناء عليه سيتم وضع استراتيجية السكن لتكون معروفة من جهة الأمكنة والأزمنة والتكلفة».
فحوى الجواب أنه ضمن الاجتماعات العديدة، التي نجم عنها ضرورة عقد مؤتمر، لم يتم مناقشة كل المحاور المتعلقة بالإسكان، كما أنه حتى الآن وبعد ثمانية سنوات من الحرب لم يقم أي أحد في تلك الوزارة بـ"وضع استراتيجية للسكن"، وهو ما استدعى ذاك المؤتمر الوطني.
الخوف الأكبر، والمتوقع بشدة للأسف، أن يُعقد المؤتمر وتنتج عنه توصيات، وتتشكَّل لِجان، ويُعين استشاريون وخبراء، وتتحدد أبرز النقاط التي ينبغي مناقشتها، لنعود إلى بداية "الدوِّيخة" من اجتماعات، ثم دعوة لمؤتمر، ثم مناقشة محاور، وهكذا حتى نتيقَّن مئة بالمئة أن وزارة الإسكان "من دون أساسات"، رغم أنها من الوزارات الحيوية في ظروف الحرب، ويوضع على كاهلها الكثير، لاسيما أن بياناتها المتوالية صدَّعت رؤوسنا بخططها عن "إعادة الإعمار"، والذي لم ينتج عنه حتى الآن سوى تلك التصريحات الـ"طنَّانة"، والتي لا تُغني ولا تُثمر، طالما أن بوصلة القائمين عليها مُنحرفة، وبدل أن تُشير إلى الفقراء الذين تهدَّمت منازلهم، وضرورة البدء بأقصى سرعة، وبخطط طارئة لتأمين مأوىً لهم بدل الإيجارات الكاوية التي يتحمّلونها مُضطرين، فإنها تُنفق المليارات على مشاريع سكنية للأغنياء، وزيادة رفاهياتهم، ورفعتهم، فأولئك المُرفَّهين، وحيتان الأسواق، والذين أكلوا الأخضر واليابس في هذا الزمن العاطل، لا يحلو لهم إلا أن يسكنوا في ناطحات سحاب، طبعاً بالتواطؤ بين وزارة الإسكان والمحافظة والصفقات "الضخمة" من تحت الطاولات الفارهة.
ولعل أكثر من بلّ قلوبنا بعد تلك الجلسة الاستجوابية في مجلس الشعب، هو النائب "نبيل الصالح" الذي قالها وبالفم الملآن: «لا أحد يعرف متى ستبدأ انطلاقة حركة الإعمار بما فيهم السيد وزير الإسكان»، مع تأكيده على أنه أحس بأن الوزير "عبد اللطيف" يكرر ما قاله الوزير السابق في العام السابق في جلسة سابقة. فإلى متى نبقى أسرى النَّظرة اللا إنسانية للظروف التي يعيشها المواطنون السوريون، والفقراء منهم على وجه الخصوص؟ ولماذا لا نُكحِّل عيوننا بوزير يحمل مشروعه بين يديه ورؤاه عما يريد تنفيذه على أرض الواقع؟ أليس من الهام جداً تفعيل مبدأ المُحاسبة على الجميع، لاسيما أن مجرد زيارة لموقع وزارة الإسكان سيعطينا، كما أعطى النائب صالح، فكرة واضحة عن إنجازاتها التي تقتصر على عقد المؤتمرات والندوات والاجتماعات والدورات التدريبية وتطوير البيئة التشريعية، ومقترحات دراسات وحملات تبرع بالدم، أما المناقصات فلا علاقة لها إلا بشؤون خدمية داخل مباني الوزارة ولا معنى لها من مثل توريد وتركيب كاميرات مراقبة وأجهزة حاسوبية، وأرشفة بعض البيانات، ليبقى الجانب العملي الوحيد مقتصراً على إزالة أنقاض الأبنية وتدوير نفاياتها، فهل يُعقل أن تبقى وزارة الأشغال والإسكان بلا شغل حقيقي ومن دون أن تضع ولو لبنة واحدة في إعادة إعمار كل هذا الخراب؟!
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: