Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

هل "المعهد العالي للفنون المسرحية" مدرسة ابتدائية؟

هل "المعهد العالي للفنون المسرحية" مدرسة ابتدائية؟

أثارت تصريحات الفنانة "سلافة معمار" حول تردي مستوى المعهد العالي للفنون المسرحية، الكثير من ردود الفعل ولعل أوَّلها جاء من "نسرين فندي" الممثلة والمخرجة المسرحية والمدرسة في المعهد، إذ كتبت على صفحتها الزرقاء: «عندي اقتراح لكل نجوم التلفزيون من خريجي المعهد العالي الذين يذكرون في معظم تصريحاتهم الحالة المتردية التي وصل إليها، وكيف أثرت على سوء الإنتاج الدرامي، بأن يأتوا ويشاركوا في التدريس ضمن المعهد ليرفعوا من سويته، وأن يكونوا أعضاء في لجنة قبول الطلاب، ويقفوا في وجه الواسطة، وألا يقبلوا إلا الموهوبين، وأن يضعوا مناهج ثابتة، ويعيدوا المواد التي حذفت لعدم وجود أساتذة، وأن يقفوا معنا في وجه الإدارة في حال غلطها، لننهض سوية بالمعهد وسويته الثقافية من جديد».

ولم تكتف "فندي" بهذه الاقتراحات، بل تحدَّت المُصرِّحين من النجوم أن يتركوا الدراما التلفزيونية لمدة سنة في سبيل تحسين سوية المعهد الذي لا يقدم أي مردود مادي كان أو اعتباري، قائلةً: «اتركوا المعهد بحاله أو تعالوا ساعدونا، أما السوية اللي وصلها المعهد فسببها الأساسي غياب الأساتذة وتالياً حذف كتير من المواد المهمة، ثم تداول المواد الرئيسية بين الأساتذة الباقين في هذا المكان، وهو ما جعل مواد التخرج تنخفض من عشرين مادة بين عملي ونظري، إلى أربع مواد فقط إضافة إلى مادة التمثيل الرئيسية، لذلك ينبغي أن نؤمّن أساتذة بالبداية، ثم نضع مناهج ثابتة، وبعدها بإمكاننا لوم تردّي مستوى الطلاب وإنتاج المعهد. ولذلك اتركوا المعهد بحاله إن لم تكونوا قادرين أن تصبحوا جزءاً من سبل إصلاحه، أو على الأقل اشتغلوا مسرحية واحدة بالسنة ضمن فرقة المعهد ليرى الطلاب مستواكم، وليطمحوا أن يصبحوا مثلكم».

نقص كبير في المواد يوازيه غياب كبير للدكاترة المشاركين في العملية التدريسية نذكر منهم: تامر العربيد، فؤاد حسن، محمد قارصلي، عجاج سليم، سمير عثمان، سامر عمران، إلى جانب أسماء لها قيمتها وخبرتها في التدريس الأكاديمي من أمثال: أيمن زيدان، بسام كوسا، زهير العمر، موسى أسود، عروة العربي، وغيرهم، يدفعنا للتساؤل عن القوانين الأكاديمية التي تحمي العملية التربوية والتعليمية في المعهد أسوة بباقي المؤسسات الجامعية في سوريا، سواء المالية منها أو الشروط التي يتم بموجبها إسناد مهمة العمادة أو وكلاء المعهد أو رئاسة الأقسام أو المدرسين، وجميعها بحاجة لشهادات أكاديمية وخبرات محددة، مروراً بتطبيق مبدأ التفرغ الجامعي في المعهد أسوةً ببقية الجامعات والمعاهد العليا. كل هذه الأمور تفترض بحسب الدكتور عجاج بما يتوافق مع شكل الأكاديمية الفنية ومضمونها، علماً أن النظام الداخلي المعمول به يعود إلى تأسيس المعهد عام ١٩٧٧، في حين أن تعديلاته كانت مفصلة على قياس بعض الناس، يقول الدكتور عجاج: «يجب ألا يخضع المعهد لمزاجيات كل وزير، بل للقوانين الناظمة له، ثم كيف ستعطي شهادة جامعية أكاديمية يوقع عليها عميد لا يملك شهادة عليا، لن تعترف أي أكاديمية بشهادتك. بكل صراحة المعهد يخضع للمزاجيات والعلاقات الشخصية، وللتقييم الأمني وليس الأكاديمي، وينبغي التذكير بأن الوزير منصب سياسي وليس أكاديمي. كانت عروض المعهد تشكل حدثاً ثقافياً، بينما الآن يُمنع الناس من حضورها.. "جيانا عيد" فنانة محترمة لكنها كارثة على المعهد وهي مقحمة عليه، هذا ليس عملها أبداً، فالتدريس شهادة وموهبة وتراكم خبرات وبحوث مستمرة».

يضيف: «هل تصدق الآن يدرِّس في المعهد طلابُ طلابِنا، بينما أنا على سبيل المثال بعد خبرة ٢٧ سنة في التدريس لم أُدعَ لا للتدريس ولا لأي نشاط، ولا حتى لعرض تخرج، ما أريد قوله إن الأساتذة موجودون لكن المشكلة في الإدارة الغريبة عن الأكاديمية، وعن معرفة تاريخ المعهد وتطوره تدريبياً، وفجأة بقرار رسمي تتولى مصيره، ثانياً لا يحق أكاديمياً لأي غريب أو إدارة بحذف مواد هي من حق الطلبة، إلا ضمن أصول منهجية. للأسف بعد أن كان المعهد في مقدمة المعاهد في حوض المتوسط، الآن هو في آخر القائمة. نتمنى لمعهدنا أن يعود كما كان، معهداً إبداعياً وليس مدرسة ابتدائية».

 «فنان واحد لا يستطيع أن يغير الوضع وحيداً» بهذا اختصرت الفنان "شكران مرتجى" موقفها، مبينةً ذلك بالقول: «لا نستطيع أنا أو غيري من الخريجين الدخول إلى المعهد وفتح أبوابه ثم القول أرونا الطلاب لنعلمهم. على وزارة الثقافة أن تتصرف وترفع المعاشات وتستفيد من الأساتذة الكبار الموجودين داخل سوريا، وأن تعود للاستفادة أيضاً من الخبرات في الخارج روسيا مثلاً، كما كان المعهد أيام كنا طلاباً»، موضحةً أنها لا تتحدث عن نفسها فقط وإنما عن كثيرين.

 الدكتور جمال قبِّش الذي تسلم عمادة المعهد لثلاثة أشهر في عام 2011 انسحب بعدها لعدم تمكنه من تنفيذ مشروعه لتطوير آلية العمل المؤسساتي يشرح لنا رؤيته لواقع المعهد ومشاكله المزمنة بالقول: «مدة قصيرة لكنها كانت كافية لاكتشاف حجم مستنقع الفساد الذي يعيشه هذا الصرح. المشاكل كثيرة ومعقدة وشائكة وليست وليدة اليوم، وتتلخص بانعدام الأكاديمية فالمعهد يتبع قانونياً وإدارياً وتنظيمياً ومالياً لوزارة الثقافة، ويتبع شكلياً لوزارة التعليم العالي فيما يتعلق بتعيين أعضاء هيئة التدريس وترفيعهم ونصابهم وتعويض ساعات تدريسهم ونقلهم وحتى تأديبهم وذلك وفق المرسوم رقم 8 لعام 1977، لكن ثمة تعارض كبير بين أحكام القانون الجامعي وقانون العاملين في الدولة، أضف أن العاملين بوزارة الثقافة والمعهد يفسرون الأمور حسبما يحلوا لهم».

يضيف الدكتور قبش: «نقطة ثانية هي عدم تبعية المعهد لـ"مجلس التعليم العالي" والذي يعود له الأمر في سن القوانين الأكاديمية ومراقبة تطبيقها، وهو ما يزيد من التخبط الأكاديمي في العملية التعليمية، فضلاً عن انعدام الصلاحيات القانونية، صحيح أن من يتولى إدارة المعهد هو مجلس المعهد المكون من العميد والوكيل ورؤساء الأقسام، إلا أن القرار الأول والأخير يكون للوزير الذي يتدخل بالشاردة والواردة بحكم أنه الرئيس المباشر للمعهد، بما في ذلك تعيين رؤساء الأقسام ولجان القبول وحتى العاملين ونتائج امتحانات القبول... ولا يمكن أن ننسى أن هناك وزراء وحتى عمداء أتوا إلى هذا المكان ليحققوا إنجازات شخصية يريدون من خلالها أن تحسب لهم، متناسين ما سينعكس هذا لاحقاً على المعهد وحتى على الطلبة. ومن هذه الإنجازات افتتاح أقسام جديدة، والقبول بأعداد كبير من الطلبة دون الأخذ بعين الاعتبار ضيق المكان أو قلة الموارد البشرية والمالية. وهذا غيض من فيض صدِّقني».

أما الدكتور "فؤاد حسن" المدرس السابق في المعهد فقال: «كرست حياتي للتدريس، ظللت في البيت ثماني سنوات، أربعة منها سفّرني أحد العمداء السابقين إلى الكويت دون أن أدري، والسنوات الأربع الأخيرة بقيتها في المنزل. مكافأة مشروع 2015 قبضتها عام 2018. ولم يتصل بي أحد للتدريس. وعندما يُسألون عن الأساتذة جوابهم واحد: «ما في أساتذة». أقول لهم: «نعم ما في أساتذة لأنو نحنا كشاشين حمام!».

 

المصدر: خاص

شارك المقال: