صحافة "المصالح الشخصية".. حروب على المؤسسات لصالح "حيتان السوق" !
يعد نفوذ الجهات الممولة والمانحة للوسائل الإعلامية، من أهم عوامل التأثير في مسار الوسيلة ومصداقيتها، الأمر الذي يجعل من القائمين على الوسيلة أياً كانت طبيعتها يقعون في مطب "المزاجية" وعدم المصداقية، والذهاب نحو الدخول في متاهة "تصفية الحسابات"، لصالح الممول أو الجهة المانحة، الأمر الذي يجعل من الإعلام السوري في قطاعه الخاص تحديداً، خاضعاً لمعايير لا تمت للمهنية في بناء قصته الخبرية.
إن محاربة الفساد والبحث عن حق المواطن في المعرفة، يعد من المبررات المهمة بالنسبة للقائمين على أيّ وسيلة إعلامية لتبرير هجومهم على هذه المؤسسة أو تلك، إلا أنهم ينتقصون من حق المواطن بمعرفة أسبابهم الحقيقية في الهجوم، وعلى هذا الأساس يكون من المنطقي فهم السبب الذي دفع بالوسيلة "سين"، للهجوم على إحدى "الوزارات"، بجملة من الملفات، إذا كان السبب أن أحد الممولين لها الذي يوصف بكونه واحداً من "حيتان السوق"، قد خسر مناقصة هامة قطاعها.
إن تحكم رأس المال في الهوية المعرفية للوسيلة الإعلامية، وخضوع القائمين على هذه الوسيلة لإرادة رأس المال، يعد واحداً من أهم المعوقات المهنية أمام الصحافة لتأخذ دورها المجتمعي المطلوب منها لتكون فاعلة لا منفعلة، ولتكون أداة تصحيح للمسار، لا أداة "مزاجية"، ومن الغريب أن يكون الزملاء في "سين"، هم من أكثر الأشخاص نزاهة في المهنة قبل هذه الحادثة التي وصلت إلى مسامع "جريدتنا"، عبر "أحد النمامين"، الذين نثق بنميمتهم.
لا يمكن الدفاع عن أي مؤسسة حكومية، - مع الأسف -، وذلك لتفشي ظاهرة الفساد التي تحتاج محاربته والقضاء عليه لسنوات من العمل المستمر، ولا ننصب أنفسنا في قائمة المدافعين عن "وزارة النفط"، التي قد تكون الملفات التي تفتحها الوسيلة "سين"، مدعومة بجملة من الوثائق والحقائق القاطعة التي قد يكون "الحوت"، قد أخرجها من جوفه، لكن السؤال عن سبب التزامن بين النشر المتوالي لملفات تتعلق بهذه الوزارة، وخسارة "الحوت"، للمناقصة آنفة الذكر..؟
إن البحث في تفاصيل العمل الصحفي لأي مؤسسة إعلامية صغر شأنها أو كبر لدى المواطن السوري، يوضح حقائق مربعة فيما يخص انتهاك معايير العمل الصحفي من قبل القائمين على هذا العمل أنفسهم، ففي وقت نطالب كعاملين في القطاع الصحفي بمزيد من الحريات والشفافية ورفع سقف محاربة الفساد والمفسدين، نجد أن بعضاً من العاملين في هذا القطاع يتحول إلى سيف بيد الفساد نفسه، بما يحقق قاعدة "الفساد يأكل بعضه"، الأمر الذي يجعل من "قانون الغاب"، هو المتحكم في العمل الصحفي.
بات من الضروري بمكان أن تتدخل وزارة الإعلام كمؤسسة مشرفة على عمل وسائل الإعلام الخاصة، لوضع شروط وقواعد لتقديم الدعم المالي من قبل المؤسسات الاقتصادية للجهات الإعلامية، على أن يكون من أهمها "عدم التدخل في سياسة الوسيلة تحت طائلة الإغلاق، إذا ما تم توظيف العمل الإعلامي لتحقيق مصالح شخصية للداعمين"، هذا الشرط الذي يجب أن يكون حاضراً وفاعلاً ومقوناً، بات ضرورة في ظل توسع متاهات تصفية الحسابات الشخصية التي حولت الصحافة من أداة مجتمعية إلى مجرد ورقة بيد الجالسين على طاولة الاستثمار الخاص.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: