حلمي تحول إلى «رسالة»!
ديب سرحان
«متى سأحقق أحلامي؟» كل يوم يراودني هذا السؤال مراتٍ عديدة، ها أنا أتجاوز الثلاثين من عمري، وحتى أبسط أحلامي أقف عاجزاً أمامها، لا أملك القدرة على السعي نحوها أصلاً، وكيف أملك القدرة و«الرفاهية» تسيطر على كياني؟!
سنوات الحرب الطويلة جعلت الأمور داخل سوريا «مأساوية» بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وتحولت الأوضاع الاقتصادية إلى ثقلٍ إضافي على صدر السوريين، ولم يكن ينقص المواطن السوري إلا الإجراءات الحكومية «الجهبذية» حتى تكتمل معاناته.
«الطوابير» تملأ الشوارع السورية، «طابور» على الخبز، وآخر على المازوت، وثالث على البنزين، ورابع أمام سيارات الغاز، وخامس عند مؤسسات التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وتكتمل اللوحة «الفسيفسائية السورية» بطوابير المنتظرين لوسائل النقل الجماعي، وكأن هذا الشعب مكتوب عليه «الجري خلف حقوقه الأساسية ليل نهار».
وإن كان السعي وراء «الحقوق» يعطي النتيجة، فبالتأكيد سيكون الشعب السوري ساعياً للوصول إلى ما يريد، لكن المشكلة حتى أن السعي لا يأتي بنتيجة، خاصة وأن الحقوق أصبحت مرتبطة بـ«رسالة».
لا يمكن الحصول على البنزين دون «رسالة»، ولا يمكن الحصول على مازوت دون «رسالة»، ولا يمكن الحصول على المواد التموينية إلا من خلال «رسالة»، وحتى لقاح كورونا يحتاج إلى «رسالة».
في هذه البلاد تحولت الأحلام إلى «رسالة»، لأن التفكير بالأحلام الشخصية أصبح ضرباً من الجنون، والعقل ينادي بشيء واحد وهو «الهجرة» ولا شيء غيرها.
الجميع يبحث عن الهرب من المعاناة اليومية، الهرب من التفكير بأمورٍ من المفترض أن تكون أساسية لا نحتاج للتفكير بها أصلاً، وبعيداً عن «أسطوانة» التبريرات الحكومية المقيتة.
ربما الحسنة الوحيدة التي حصلت عليها من «البطاقة الذكية» ورسائلها المميزة، هي أن أسمع صوت والدي يومياً على الهاتف، لكن ليس ليسأل عني، بل ليستفسر عن موعد رسالة الغاز، والمازوت، والخبز، والبنزين، والسكر، والرز، والشاي، والزيت.
آخر اتصال مع والدي قال لي: «هالمرة ما عم أتصل فيك مشان البطاقة الذكية، بس بدي أسألك شو صار بجواز السفر تبعك؟»، فأجبته «عم أستنى الرسالة».
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: