مرض يفتك بالناس على طريقته ..

نور ملحم
ينتظر أبو رامي " 55عاماً" استكمال الإجراءات اللازمة لدخوله مشفى البيروني لتلقي العلاج من السرطان، علّ القدر يكون معه بعد معاناة سنوات من التعب والإرهاق الجسدي والمادي، يعاني مرضى السرطان في سوريا من انقطاع الأدوية وصعوبة الحصول عليها، إضافة لغلاء ثمنها بسبب ظروف الحرب.
يتحدث أبو رامي عن معاناته مع المرض لـ " جريدتنا " فيقول : "وضعي المادي صعب جدا، وها أنا اليوم أعاني إضافة لذلك من أخطر مرض".
يصمت ثم يتابع بحزن "أصابني اليأس ما إن علمت بطبيعة مرضي وهو سرطان بنقي العظام ، ولم أعد أعرف ما الذي يمكن أن أفعله، فليس هنالك مراكز متخصصة كثيرة ولا أملك المال للعلاج، بل ولا لقوت نفسي وأولادي".
حال أبو رامي كحال العشرات في سوريا، حيث يتحمّل مرضى العلاج الكيماويّ الآلام ومشقّة السفر، الذي قد يستمرّ، في كثيرٍ من الأحيان، يوماً كاملاً. وتحصل قلة قليلة منهم على العلاج مجاناً، تبعاً لحالتهم الصحية، أو (الواسطة) التي يأتون بها ويضطرّ آخرون إلى شراء الدواء من خارج المشفى، بالرغم من الأسعار المرتفعة لهذا النوع من الأدوية.
يتوافر علاج الأورام في أماكن محدودةٍ جداً بسوريا، ويعدّ مشفى البيروني في دمشق أكبر المراكز المتخصّصة في البلاد، مقارنةً بباقي المراكز. وتشير إحصائيات من داخل المشفى إلى أن 80% من مرضى السرطان السوريين مضطرّون إلى التوجّه إليه مرّةً واحدةً على الأقلّ، لإجراء الفحوصات التشخيصية الدقيقة، فيما يتلقّى أكثر من 50% من المرضى علاجهم كاملاً فيه.
1500 مريض يومياً ...
يتحدث دكتور مالك المحمود وهو طبيبٌ متخصّصٌ في علاج الأورام لـ جريدتنا، نستقبل أكثر من 1500 مريضٍ في اليوم، و بات المشفى حاليا يتفرّد بإجراء بعض الفحوصات، بسبب تعطّل المراكز الأخرى.
ويكمل الطبيب: "لدينا نقص كمية العلاجات الكيماوية التي يحصل عليها المشفى، نسبةً إلى عدد المرضى. فالكثير لا يحصلون على الأدوية السامّة للخلايا السرطانية، كما يسبّب التوافر غير المنتظم للتيار الكهربائيّ خللاً في تقديم العلاج الشعاعيّ، بما فيه العلاج الشعاعيّ الموضعيّ، أما العلاج بوحدة الكوبالت فلا يعمل دون وجود مصدر بديل للطاقة".
الحكومة تعد ...
وفي الوقت الذي توافق لجنة القطع في رئاسة مجلس الوزراء على تخصيص 90 مليون دولار لتوفير احتياجات البلاد من الأدوية المخصصة لمعالجة الأمراض السرطانية والمزمنة خلال عام 2019، واعدة المرضى في تأمين أدوية الأمراض السارية والعصبية ومشتقات الدم ضمن سياسة الأمن الدوائي والضمان الصحي الذي تتبناه الدولة.
يضطرّ معظم المرضى، اليوم، إلى شراء العلاج بأنفسهم قبل التوجّه إلى المشفى. ويقتصر توافر العلاج على صيدليةٍ واحدةٍ فقط في كلٍّ من حلب واللاذقية ودمشق. وفيما تعدّ تكاليف الأدوية السرطانية باهظةً جداً، لا يجد الفقراء من المرضى حلاً سوى انتظار دورهم للحصول على الدواء المجانيّ من المشفى، أو اللجوء إلى علاجاتٍ تقليديةٍ تعدّ عديمة الفائدة، من وجهة نظرٍ طبية.
الاتجار بالدواء الكيماوي ..
من المعروف اعتماد سوريا على الأدوية المستوردة لعلاج السرطان، لكن العقوبات الاقتصاديّة المفروضة منذ بداية الحرب وتوقف الحكومة السورية تعاملها مع دول معيّنة، أدّى إلى نقصٍ كبيرٍ في توفّر تلك الأدوية.
هذا الأمر أدى إلى ازدهار تجارة الجرع الدوائية المهربة من الخارج في الفترة الأخيرة ومع النقص الحاد بالمواد الطبية المطلوبة لعلاج السرطان، بدأ بمن يعرفون بتجار الحرب ببيع بعض المواد والأدوية الطبية التي يتم تهريبها من مستشفيات الدول المجاورة سواء من لبنان أو من الأردن وإدخالها إلى سوريا لبيعها بأسعار خيالية.
منظمة الصحة تحذر ...
منظمة الصحة العالمية أكدت أن السرطان ثاني سبب رئيسي للوفاة في العالم وقد حصد في عام 2015 أرواح ما لايقل 8.8 مليون شخص،و في بلدان العالم الثالث والبلدان الفقيرة والتي تعاني من الحروب تصل نسبة الوفيات الناجمة عن مرض السرطان الى 70 %.
وترتفع هذه النسبة في بلد كسوريا، حيث حذرت منظمة الصحة العالمية من انعدام الأمن في سوريا ومحدودية فرص الحصول على العلاج لا يترك فرصة سوى بنسبة 20%، للبقاء على قيد الحياة للأطفال المصابين بالسرطان .
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: