Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

عاصفة المجتمع المدني في بروكسل

عاصفة المجتمع المدني في بروكسل

حبيب شحادة 

 

ما حصل في بروكسل 2 مخالف لما حدث بالأول، حيث لم يتم تقسيم المشاركين إلى مجموعات، وإنما بقوا مجموعة واحدة للنقاش والتداول وتحديد أولوياتهم دون تحديد مواضيع أساسية للنقاش، أي دون أجندة.  وحضر38  منظمة، نصفهم من الداخل، ولم تكن الحكومة السورية مدعوة. 

كانت أولى محاور لقاء بروكسل 2 بتاريخ 22-23-24/4/2018، مُستقبل المجتمع المدني السوري. وهنا ظهر مدى الشرخ العميق بين منظمات المجتمع المدني واصطفافها السياسي، وعدم قدرتها على الخروج من الصندوق للتفكير بمستقبل سوريا والسوريين بعيداً عن السياسة وآلة الحرب في محاولة لإيجاد حلول لم يستطع الساسة وضع حد لها في جميع جولات التفاوض. 

ورغم ساعات النقاش الطويلة والشد والجذب والخلاف والتوافق بين ناشطي المجتمع المدني الموجودين في بروكسل، إلا أنهم استطاعوا الخروج بالحد الأدنى من التوافق برسالة استغرقت صياغة الجملة الواحدة فيها أكثر من نصف ساعة صياغة، كالحوار الوطني والعدالة الانتقالية وأيهما الأسبق. بمعنى آخر استطاعوا وضع السياسة جانباً وإنتاج رسالة بمطالب مدنية بحتة. 

جدير ذكره أنه رغم اختيار شخصين لقراءة الرسالة أمام المجلس الأوروبي التي تم العمل عليها بدقة وأمانة، إلا أنها سُربت قبل قراءتها الأمر الذي عصف بمنظمات وناشطي المجتمع المدني الوليد بُعيد الـ2011 وبدأ معها مُسلسل من حملات التخوين والهجوم والتهجم على شخصيات المشاركين ولا سيما من المنظمات الموجودة خارج سورية.

وبنظرة عميقة للرسالة نرى ما يلي: 

على الرغم من استخدام مصطلح الهندسة الديمغرافية في القضايا والدراسات التنموية، إلا أنه من المقلق استخدامه في رسالة حقوقية لاسيما أنها مُوجهة للاتحاد الأوروبي. فالتخوفات كانت من التهجير القسري والتغيير الديمغرافي الذي لم تُسجل فيه أية حالة تغيير ديمغرافي في سورية حتى اللحظة. كما لم يستطع المشاركون التوافق على ذكر تسميات للميليشيات، فتم النص على خروج كافة المليشيات من سوريا دون النص على أسماء لها.

فيما يتعلق بالعدالة الانتقالية فهي مفهوم حقوقي يتم اللجوء إليه في حالات معينة للخروج أو الانتقال من وضع لآخر. وليس المقصود فيها بالحالة السورية محاسبة طرف دون آخر وتسييس الموقف إنما الجميع سيمر في الطريق فيما لو تم التوصل لحل توافقي حيث أن مسار العدالة الانتقالية يمر عبر مسار مُشترك بين جميع الأطراف الحكومة والمعارضة دون إقصاء لأي طرف، لنقل البلاد من حالة اللا استقرار (الحرب) إلى حالة الاستقرار (السلم والتماسك المجتمعي). كما أنّ شكل هذه المرحلة الانتقالية يحتاج إلى أمور إجرائية توافقية بين المكونات السورية.

أما فيما يتعلق بفتح القنصليات فقد جاء المطلب واضحاً وصريحاً بتسهيل الخدمات المقدمة للسوريين وتسيير أعمالهم دون اللجوء إلى الابتزاز في دول الجوار للحصول على ورقة معينة ودون الاضطرار للتنقل بين الدول للحصول على ورقة فقد جاء الطلب بفتح مكاتب قنصلية مُيسرة للأعمال وليس فتح السفارات.  

إن رفع العقوبات وفتح القنصليات مطلبان جريئان من منظمات المجتمع المدني المشاركة في الفعالية الثانية ببروكسل والتي استطاعت أن تفكر بمدنية خالصة غير مُسيّسة كون هذين المطلبين يؤثران في عمق الشارع السوري وحياته المدنية. 

بالنتيجة ورغم كلُ ذلك لم يأت البيان على ذكر شكل الحل السياسي، ورغم الثورة الفيسبوكية التي رافقت الرسالة إلا أن الرسالة أتت أُكُلَها وصُنفت كوثيقة رسمية من قبل الاتحاد الأوروبي وهذا إنجاز عظيم لمنظمات المجتمع المدني السوري المُشارك في بروكسل 2. واستطاعت أن تجمع 4.4 مليار دولار كمساعدات للسوريين بالداخل والخارج كون اللقاء هو للدول المانحة. فماذا سينتج بروكسل3؟   

 

بواسطة :

شارك المقال: