Saturday June 7, 2025     
00
:
00
:
00
  • Street journal

المرض المروري دون علاج

المرض المروري دون علاج

حسن عيسى

باتت رياضة الجري إحدى الممارسات التي اعتاد عليها معظم سكان العاصمة، وأصبحت روتيناً يومياً لا بد منه، هذه الرياضة التي لا تلائم البعض منهم؛ لكنها تطفلت على مسير حياتهم اليومي، أو أنهم أجبروا على ممارستها بمعنى آخر، حيث أصبحت العودة من العمل إلى المنزل عبر السرافيس وسيارات الأجرة، من أعقد الأمور التي يتمنى حلها المواطن اليوم، والتي باتت تسبب له الإرهاق والتعب النفسي.

في منتصف النهار ومع خروج الموظفين وطلاب المدارس والجامعات، تُشَل حركة المرور ضمن شوارع دمشق، ويصبح السير على على الأقدام أسرع بعشرات المرات من صعود أحد السرافيس الذي يلزمه أكثر من ساعة ليقطع مسافة قدرها ثلاث كيلوميترات فقط.

الشوارع تملؤها المئات من السيارات، والدوّارات كأنها ساحة صراع للمركبات تختفي فيها شرطة المرور، أما المشهد الأعظم فهو تجمّع المئات من المواطنين عند مواقف الباصات والسرافيس التي تختفي فجأةً، ولا يظهر إلا الممتلئ منها، والذي إن صح التعبير سينفجر من كثرة ما يحمل بداخله من أناسٍ تكبدوا عناء الركوب فوق بعضهم البعض من أجل الوصول لمقاصدهم، أما من لا يتحمل الانتظار فتراه يقطع مسافاتٍ شاسعة على قدميه، ليصل أسرع بكثير ممن يصعدون السيارات.

الأزمة التي لم يعرف لها أحد لا سبباً ولا حل، والتي لم يخرج أيٌّ من المعنيون بها ويدلي بدلوه أمام الناس، ويوضح لهم حقيقة وأسباب ما يمرون به، لا تقل بشاعةً عن غيرها من أزمات الشارع السوري اليوم، فهي من الأسئلة التي لم يجد لها المسؤولون أي جوابٍ يقدمونه للمواطن الذي بات يقضي معظم نهاره على الطرقات، فلا شرطة المرور قادرة على كبح الزحام، ولا المحافظة قدمت حلولها.

الوعود التي اعتدنا عليها دائماً، والتي لطالما لجأ لها أصحاب الشأن عند تطور الأزمات، قدمت بعضها كل من وزارة النقل ومديرية نقل ريف دمشق منذ العام الماضي إلى الآن، كان أبرزها التخطيط لتنفيذ مشروع ميترو أنفاق دمشق، وزيادة عدد السرافيس والباصات ضمن المدينة.

المحافظة بشكل أو بآخر تجاهلت أمر لسبب ما واهتمت بآخر، ما تجاهلته هو الاختناق المروري الذي يحصل، والذي سببه الأول هو العدد الهائل من السيارت ضمن العاصمة، والتي تسير وفق نظام مروري قديم أُسس منذ أن كانت دمشق لا تضم سوى سكانها فقط، أما اليوم فالوضع أصبح مختلف تماماً، تضخم سكاني هائل يتبعه زيادة في عدد المركبات، الأمر الذي يشكل ازدحام مروري في ذروة النهار، لكن هذا لا يزيل قسم من المسؤولية عن عاتق شرطة المرور، الذين يختفون أغلب أوقات الازدحام، أو أنهم لا يقومون بعملهم على أكمل وجه.

القضية أولاً وأخيراً ليست معقدة لهذا الحد، فما كان عليه الوضع قبل سنوات انقلب تماماً، لكنها بطبيعة الحال تحتاج للقليل من التغيير والكثير من المسؤولية، وللضمير الصاحي الذي ينفذ الوعود ويقدم الحلول الجذرية التي تصب في الصالح العام وتبتعد كل البعد عن المصالح الشخصية.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: