Sunday November 24, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

خنزرة وراثية

خنزرة وراثية

محمد عيسى محمد

 

كان الأخ المواطن متشوقا ليعيش حياة هادئة وجميلة بعد عودة نعمة الأمن والأمان لأغلب المدن السورية، قبل أن تبدأ الأزمات الاقتصادية بالهطول على رأسه كالمطر.

ودائما مع كل أزمة جديدة، كنا نسلط الضوء على تقصير أعضاء الحكومة وتقاعس بعض المسؤولين عن القيام بواجبهم لمساعدة هذا المواطن خلال الأزمة.

ثمة من يقول لي: أليس لديك سوى الحكومة، حتى تجعل منها دريئة تصوب عليها رصاص كلماتك التي لا ترحم؟.

للصدق، فإننا عندما نقرع أحد المسؤولين بسياط كلماتنا، فالسبب الوحيد هو أنه المسؤول الأول والأخير، أمام الله وأمامنا عن إدارة شؤوننا وتسيير أمورنا، وليس من أي باب آخر.

علما أنه مع كل أزمة مرت على هذا البلد، كان هناك صنفان من المواطنين، الصنف الأول هو من اكتوى بنيرانها وأكل الموس على الحدين، والصنف الثاني هو من كان سعيدا بقدوم الأزمة، لا بل استقبلها بكل رحابة صدر منذ نعومة إطلالتها، وأنشأها واعتاش عليها، وكبرت تحت كنفه الميمون من حيث يعلم أو لا يعلم.

فعندما كانت تظهر ملامح نقص إحدى المواد، كان البعض يسعى لاحتكار هذه المادة، لإعادة بيعها بسعر خيالي، كما جرى في أزمة الغاز مثلا، حين استغل البعض قدرته في الوقوف على طوابير الغاز لاستبدال جرة أو أكثر في اليوم الواحد، لإعادة بيعها للمواطن الذي لا يملك الوقت للوقوف يوميا على طابور الغاز بسعر وصل ل 20 ألف ل.س في بعض المناطق، وهذا ما يحصل في أزمة البنزين الحالية، فمنهم من يقف على طابور البنزين ليبيع دوره، ومنهم من يبيع الفائض عن حاجته بسعر جنوني لا يتصوره العقل.

بصراحة أكثر، بعض المواطنين كانوا أمثولة للشرف والإنسانية، وقدموا الكثير لمساعدة الآخرين والوقوف بجانبهم في هذا الحصار الصعب الذي أثقل كاهل الوطن، والبعض الآخر قدم لنا دروسا في (الخنزرة)، وكان شريكا بالحرب علينا بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

وما من شيء يمكن أن يحيي الضمير الميت الموروث عند هذه الفئة الأخيرة، لذلك لا بد من بعض القوانين الصارمة التي تكبح جشعهم وتوقف خنزرتهم عند حدودها.

في أحد الأرياف، هناك رواية شعبية تقول: سأل أحدهم الخنزير، لماذا يا خنزير تدخل حقل الذرة وتكسره دون حاجتك للأكل؟!.. ما غايتك من ذلك؟

فأجاب الخنزير: هكذا تكون الخنزرة.

 

المصدر: خاص

شارك المقال: