تشكيل اللجنة الدستورية هل يرى النور.. ؟!
محمد نادر العمري
من "موسكو" لـ"طهران" وصولاً لـ"دمشق", تشهد عواصم هذه الدول حراكاً تتسارع من خلاله اللقاءات الدبلوماسية الخاصة بملف "اللجنة الدستورية" لترسم إمكانيات بحصول توافقات جديدة بين الأطراف المعنية في هذا الشأن، السورية والإقليمية والدولية.
وهذه الإمكانيات التي نتحدث عنها قائمة على مؤشرات عززتها عدة تصريحات من مسؤولين غربيين وروس، جاء أبرزها على لسان المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، "جيمس جيفري"، قبل أيام، حين قال: «نحن قريبون جداً من تشكيل لجنة دستورية».
فبعد جولة روسية موسعة شملت "دمشق" وعواصم الجوار، تحضيراً لقمة جديدة من محادثات "أستانا"، يجول "جيفري" بدوره على حلفاء بلاده في الإقليم، في موازاة زيارة لافتة قام بها كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، "علي أصغر خاجي" لـ "دمشق"، التقى خلالها الرئيس السوري "بشار الأسد" إلى جانب وزير الخارجية، "وليد المعلم"، وعدد من مسؤولي الوزارة.
وعلى رغم أن النقاشات توسعت لتشمل التطورات الإقليمية والتوتر بين "طهران" و"واشنطن"، فقد حضر ملف "اللجنة الدستورية" بشكل واسع فيها.
فالبرغم أنه خلا هذه الزيارة صدرت مواقف لافتة عن نائب وزير الخارجية السورية، "فيصل المقداد"، في شأن العدوان الإسرائيلي الأخير، إذ قال "المقداد" إن على «العالم ومجلس الأمن والأمم المتحدة أن تعي خطورة مثل هذه التطورات، لأن سوريا لن تسكت عن حقها»، إلا أن مساعد وزير الخارجية الإيراني كان يريد سماع وجهة "دمشق" حول اللجنة وتشكيلها وعملها وهدف التصعيد التركي المستمر.
الجهد المكثف الهادف إلى إطلاق عمل "اللجنة الدستورية" سيحمل المبعوث الأممي، "غير بيدرسن"، إلى "دمشق" في العاشر من الشهر الجاري، وذلك بعد زيارة مهمة يجريها لـ"موسكو"، بهدف بحث "اللمسات الأخيرة" على تعديلات تشكيلة الثلث الثالث "المجتمع المدني والمستقلون".
وعلى عكس ما توحي به بعض التصريحات الدولية، تؤكد مصادر معارضة غياب "التوافق" على المقترحات البديلة للتشكيلة، وفي المقابل تشير مصادر متابعة لعمل "بيدرسن" إلى أنه سيحاول تحصيل قبول من "دمشق" على الصيغة المقترحة.
ويبرز من تناقض التصريحات حول تشكيل اللجنة ما بين متفائل ومتشائم، استمرار وجود هوة واسعة في تشكيل اللجنة تتعلق:
1.التوجه الأمريكي لإحياء مسار "جنيف" من خلال نسف "أستانا" أو دمج الأخيرة مع المجموعة المصغرى حول "سوريا" بما يسمح لواشنطن بالتأثير على المشهد السياسي السوري.
2.مسعى المبعوث الأمريكي "جيمس جيفري" لتمثيل القوى الكردية الانفصالية "مسد" بشكل مستقل في صفوف المعارضة الخارجية بشكل عام وضمان تمثيلها في "اللجنة الدستورية" بشكل خاص.
3.التصعيد التركي في جبهات "حماة" الشمالية و"ريف إدلب" تشير لعدم حصول توافق إقليمي على أسماء الأعضاء الستة من قائمة "المجتمع المدني".
4.عدم وجود رؤية متبلورة حول مرحلة ما بعد تشكيل اللجنة والتناقض الذي سيحصل ما بين التوجهين الأول هو المتمسك بتعديل الدستور والثاني الذي يطالب بوضع دستور جديد، فضلاً عن رئاسة اللجنة وآلية التصويت على قراراتها.
يبدو أن المرحلة القادمة تحمل الكثير من التطورات داخل المشهد السوري وهذه التطورات تتمثل في مسارين أو أكثر:
السيناريو الأول: وهو إنعاش العملية السياسية واتخاذ تشكيل اللجنة الدستورية نقطة انطلاق لذلك، مع بقاء منسوب الكباش السياسي مرتفعاً.
السيناريو الثاني: العودة للمسار العسكري من جميع القوى نتيجة عدم تحقيق أي خرق أو تقدم سياسي.
السيناريو الثالث: وهو الأكثر ترجيحاً التوازي بين المسار الأول والثاني، أي استمرار المحاولات لدفع العملية السياسية كلٌ حسب مصالحه وأهدافه بالتوازي مع التصعيد العسكري ليكون أداة ضغط سياسية في تحسين التموضع التفاوضي.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: