هذا هو المحرك الأساسي للتنمية في سوريا.. ؟!
د.علي كنعان
لم تعد شركة الأشخاص و"خاصة التضامن والتوصية البسيطة" قادرة على إقامة مشاريع صناعية أو زراعية ضخمة تودع لزيادة النتاج وتأهيل الكوادر الوطنية وتوطين التكنولوجيا لهذه الشركات تعمل بأشكال الاستثمار الصغيرة والمتوسطة والبسيطة، لذلك توجهت الدول الصناعية إلى أشكال أكبر من المكلكية غلى الشركات المساهمة، وحققت بذلك زيادة الانتاج وتوطين التكنولوجيا وتأهيل الكوادر الوطنية وتصدير الفائض.
الشركات المساهمة تستطيع تجميع الرساميل الضخمة وزيادة عدد حملة الأسهم وينفصل لديها الغدارة عن الملكية وتستطيع تطبيق معايير المحاسبة الدولية وقواعد الانضباط والحوكمة الأمر الذي يعني التزام بمعايير الإفصاح والشفافية وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية.
قدمت الحكومات الكثير من المزايا لهذه الشركات بهدف تسجيلها وزيادة أعدادها لتكون فاعلة في الاقتصاد السوري إيماناً من هذه الدول بأن هذه الشركات تستطيع جذب المدخرات وتسجيع الاستثمار واستثمار الكفاءات في الأدارة بهدف زيادة النمو الاقتصادي.
فماذا فعلت "دمشق" حتى تجذب هذا النوع من الاستثمارات وتشجع تأسيسها وهل قدمت المزايا كما فعلت الدول الآخرى؟
تجارب الدول:
وصل عدد الشركات المساهمة في الأردن إلى 245 شركة وفي مصر إلى 1622 شركة وفي ماليزيا إلى 1000 شركة وفي تركيا 405 شركة.
تمتلك ماليزيا عشر شركات مساهمة تم تصنيفها من ضمن 500 شركة الأولى في العالم، وقد تجاوزت القيمة السوقية لهذه الشركات 128% من حجم الناتج المحلي الإجمالي الماليزي البالغ 425 مليار دولار.
قدمت "ماليزيا" و"تركيا" و"كوريا الجنوبية"، وما زالت تقدم المزايا والتسهيلات للشركات المساهمة بهدف دعمها وتقويتها لتكون عالمية تستطيع المنافسة في الأسواق الدولية.
تصدر الفائض وتستورد الاحتياجات الضرورية للاقتصاد السوري، لذلك انتقللت هذه الاقتصاديات من النامية إلى متوسطة النمو، ساعدت دولها في التطور والتنمية الاقتصادية.
ماذا قدمت سوريا:
ما زالت سوريا في بداية انطلاقتها التنموية وقد أدت الأزمة للتراجع في جميع المؤشرات والمقاييس الاقتصادية والاجتماعية، وهي جادة في دعم الاستثمار وتشجيع المستثمرين والشركات على الانطلاق.
كل ما قدمته قبل الأزمة لم يؤدي لتأسيس شركات مساهمة كبيرة فقد بلغ حجم الشركات الشركات المنتسبة للبورصة قبل الأزمة حوالي 9 شركات ثم ازداد تدريجياً لتصل لـ 27 شركة في الوقت الذب كان عدد الشركت المساهمة المنتسبة إلى بورصة دمشق عام 1955 حوالي 60 شركة.
إن تأسيس الشركات المساهمة ودعمها وتطويرها يحتاج للإجراءات التالية:
1-تعديل الأنظمة والقوانين لتصبح البئية القانونية مشجعة على تأسيس شركات مساهمة.
2-تطوير قانون التجارة وإعطاء المزايا للشركات المساهمة بدلأ من الشركات الآخرى.
3-مساعدة الشركات الفردية بالتحول إلى شركة مساهمة من خلال إعادة تقييم موجوداتها وفق المعايير الدولية مع تقديم الإعفاءات من الضرائب لمن يرغب بالتحول.
4-بيع أكثر الشركات الحكومية لتصبح شركات مساهمة تبقى الدولة مالكة إلى 10% من أهمها أو 25 % بهدف الأشراف، والدعم لهذه الشركات الجديدة.
5-إعطاء مزايا في الاستيراد أو التصدير لهذه الشركات بدلأً من إعطاءها لمستورد فرد يتلاعب بالأسعار والفواتير واستثمار القطع الأجنبي اللازم للتنمية الاقتصادية.
6-حصر الاستثمارات في بعض القطاعات في الشركات المساهمة كي يشجع ذلك لتأسيس هذه الشركات.
7-إعطاء تراخيص صناعية للشركات المساهمة في مجال الغزل وحلج القطن السوري والاسمنت والحديد والمياه المعدنية والغازية والسيراميك والمقالع والمناجم الرخامية وذلك لتشجيع تأسيس شركات مساهمة.
8-تقديم إعفاءات ضريبية وتجارية وإدارية وجمركية متميزة لهذه الشركات بحيث يؤدي ذلك لتمييزها عن الشركات الفردية ويدعمها في زيادة أرباحها.
وهذه المزايا تعد جزءاً هاماً من إجراءات عديدة تستخدمها الدولة لكي تساعد المستثمرين على تأسيس شركات مساهمة تكون انطلاقة متميزة للاستثمار في سوريا، لأن الاستثمارات الصغيرة والفرجية لم يعد لها مكان في الاقتصاد الدولي أمام العمالقة، لذلك ينبغي علينا دعم هذه الأنماط الجديدة لتكون بداية الانطلاق في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في سوريا.
فهي تستطيع زيادة حجم الإنتاج وتوظيف العمالة الفائضة واستيراد تكنولوجيا متطورة لا تقدر عليها الشركات الصغيرة، وتستطيع تصدير الفائض للدول الآخرى وفق المعايير العالمية.
لقد أصبحنا اليوم بأمس الحاجة لتأسيس ودعم هذه الشركات المساهمة الكبيرة لكي تنمي وتطور القطاع الذي تعمل به وخاصة القطاع الصناعي الذي يستطيع استيعاب عشرات الشركات المساهمة الكبيرة بهدف تصنيع موادنا الأولية وتصديرها صناعية، عالية القيمة المضافة أسوة بتجارب الآخرين.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: