Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

سوريا .. 5 آلاف عام من الصراع

سوريا .. 5 آلاف عام من الصراع

وسام إبراهيم

يطلق اسم بلاد الشام أو سورية على البقعة الجغرافية الممتدة من لواء اسكندرون المتاخم لمنطقة كيليكيا شمالا إلى حدود فلسطين مع سيناء جنوبا، ومن البادية السورية عند منطقة البوكمال شرقا إلى ساحل البحر المتوسط غربا، لكن لم يقدر لسورية يوما أن تكون موحدة سياسيا إلا عندما كانت جزءا من إمبراطورية أوسع نطاقا نشأت في الشرق أو زحفت شطره وسيطرت عليها، كما كانت عليه الحال أيام الآشوريين والفرس، والرومان والبيزنطيين، والأمويين والعباسيين، والأيوبيين والمماليك والعثمانيين.

على هذه البقعة نشأت أول دولة ، ونشبت أول أزمة دولية، ووقّعت أول معاهدة في التاريخ، ولاتزال سورية منذ ماعرف من التاريخ السحيق مسرحاً للصراع بين جوارها القريب والبعيد، ونقطة جذب للغزاة.

قبل الميلاد بثلاثة آلاف عام، نشأت الدولة الأكادية، أول امبراطورية في التاريخ من دجلة إلى الساحل السوري، وبعد ذلك بسبعة قرون أسست مصر إمبراطوريتها، وفي الألف الثاني قبل الميلاد نشأت الدولة الحثية في الأناضول، وكان موقع سورية بين بلاد الأناضول شمالا، وبلاد مابين النهرين (العراق) شرقا، ومصر جنوبا، قد جعل منها ساحة للصراع بين القوى التي تنشأ في هذه الأقاليم، فيما كانت حدودها الجنوبية الشرقية مفتوحة على الهجرات والغزوات القادمة من الجزيرة العربية.

في القرن الثالث عشر قبل الميلاد نشب أول صراع دولي على سورية، بين الحوريين في العراق، والحثيين في الأناضول، والفراعنة في مصر، واندلعت معركة مصيرية بين المصريين والحثيين قرب حمص «قادش»، انتهت بالتوقيع على اتفاق بين الفرعون المصري رعمسيس الأول وملك الحثيين، لمواجهة خطر الحوريين في العراق، وكان هذا أول اتفاق دولي معروف في التاريخ، وهناك نسخة عنه محفوظة في متحف اسطنبول.

لاحقاً صعدت قوة جديدة، الأشوريون، سيطروا على جميع الحضارات القديمة في الشرق الأوسط، من بينها سورية، ثم ظهرت الإمبراطورية الفارسية وسيطرت على سورية وجوارها.. وعلى أكتاف القوة الفارسية المنهارة صعد المقدونيون ودخلوا سورية وباقي المستعمرات الفارسية، وبعد وفاة الاسكندر المقدوني تقاسم قادته السلوقيون والبطالسة السيطرة على سورية، ثم اجتاح الرومان سورية عام 64 قبل الميلاد، وجعلوها مقاطعة رومانية، وبقيت الشام لسبعة قرون لاحقة إما مقاطعة رومانية أو بيزنطية.

بعد ظهور الإسلام، وجه الخليفة عمر بن الخطاب الجيوش للسيطرة على سورية، وفي العام 634 تمكن المسلمون من هزيمة البيزنطيين في معركة اليرموك ودخول دمشق، وأصبح يزيد بن أبي سفيان حاكماً للشام، ثم معاوية، لتصبح سورية تحت حكم الأمويين، وبعدهم انتقل الحكم للعباسيين الذين نقلوا مركز الحكم إلى العراق.

مع ضعف الدولة العباسية، توسع الأخشيديون قادمين من مصر إلى جنوب سورية حتى دمشق، فيما استقل الحمدانيون في حكم حلب وشمال سورية، لاحقاً هزم الحمدانيون على يد بيزنطة، وباتت سورية بعد ذلك مقسمة بين البيزنطيين في الشمال، والفاطميين في الجنوب، والبويهيين في الشرق.

عام 1071 هزم السلاجقة البيزنطيين في الأناضول ودخلوا سورية وصولاً إلى حدود سيناء، وبعد ذلك بحوالي عشرين عاماً بدأت الحملات الصليبية، وسيطر الغزاة الأوروبيون على منطقة الفرات والساحل السوري، وصولاً إلى حيفا، ثم جاء عماد الدين زنكي وطردهم من الفرات وحلب، وأكمل مهمته صلاح الدين الذي سيطر على كامل سورية.

صعود المغول في الشرق واجتياحهم بغداد، جعل سورية مشرعة للغزو المغولي، ودخل جيش هولاكو حلب ودمشق ونهبها قبل مواصلة طريقه إلى فلسطين، ثم دخل المماليك على خط الصراع، وطرد قائدهم بيبرس المغول من سورية، والصليبيين من ساحلها، وفرض السلام فيها لقرنين من الزمن، باستثناء الاجتياح الذي شنه تيمور لنك 1399.

في البلقان صعدت قوة جديدة، العثمانيون، وعادت سورية مرة أخرى لتكون ساحة للصراع بين العراق والعثمانيين في الأناضول، ومصر المماليك، واستطاع العثمانيون أن يحسموا الصراع لمصلحتهم في معركة مرج دابق 1516، بعد انشقاق قائدين مملوكيين، أحدهما حاكم دمشق جامبردي غزالي، لتقع سورية تحت السطوة العثمانية لأربعة قرون لاحقة، قبل أن تنهار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وانتداب فرنسا على سورية، حتى استقلالها في اربعينات القرن الماضي، ونشوء أول حكومة سورية مستقلة.

بعد ذلك دخلت سورية في دوامة الانقلابات العسكرية، ليستقر الحكم فيها عام 1970 على يد الرئيس الراحل حافظ الأسد، وباستثناء حرب تشرين وأزمة "الإخوان المسلمون" في ثمانينات القرن الماضي، عاشت سورية بسلام حتى اندلاع الأزمة عام 2011.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: