23 دولار شهرياً للفرد: استيراد الأساسيات بالحد الأدنى!
عشتار محمود
تزداد حدّة الأزمات الاقتصادية في سوريا منذ عام 2019، ويصبح تأمين الأساسيات أقسى وأصعب... ليتجلى حجم الركود والأزمة اليوم في التقلص الحاد لرقم المستوردات الرسمي، لأن درجة ارتباط النشاط الاقتصادي الأساسي والحاجات الأساسيات عميق في الظرف السوري.
في تصريحات جديدة لوزير الاقتصاد السوري أمام مجلس الشعب، أعلن عن مستوى التراجع الجديد في التجارة الخارجية السورية في العام الحالي.
وبحسب الوزير الخليل فإن المستوردات السورية تراجعت في 2012 بنسبة 12% عن العام الماضي، لتبلغ 2,4 مليار يورو في الأشهر الثمانية الأولى.
يضاف هذا التراجع الكبير إلى سلسلة التراجع السنوي الحاد الممتدة منذ عام 2019، وبحسب تصريحات سابقة للوزير فقد تراجعت كتلة المستوردات الواردة إلى سوريا من 6.3 إلى 5 مليار بين عامي 2018 و2019 وبنسبة 20% في عام واحد، ثم تقلصت أيضاً بمقدار الخمس ونسبة 20% أيضاً بمعدل سنوي لتبلغ: 4 مليار في عام أزمة الكورونا الدولية التي كان أثرها على التجارة الخارجية السورية لا يزيد عن أثر تشديد العقوبات في 2019!
ماذا يعني 2,4 مليار في ثمانية أشهر؟!
إن استيراد اً بمقدار 2,4 مليار يورو في ثمانية أشهر يعني تأمين بضاعة من الخارج بمعدل لا يزيد على 180 دولار لكل سوري داخل البلاد، وذلك باعتبار أن عدد السكان لا يزيد على 15 مليون في المناطق التي تغطيها المستوردات الخارجية للحكومة.
وهذا الرقم الوسطي: 180 دولار خلال 8 أشهر يعني أقل من 23 دولار شهرياً لكل فرد، وحوالي 70 ألف ليرة شهرياً... مبلغ قليل جداً إذا ما قسنا أن المستوردات يفترض أن تغطي حاجات الأفراد الأساسية التي لا يمكن تأمينها من داخل البلاد! فمثلاً يفترض أن تعكس حصة الفرد من المستوردات الجزء الأعظم من الطاقة، ولهذا فإن التراجع الكبير في المستوردات هو التراجع الكبير فيتأمين أساسيات الطاقة: قلة الكهرباء والغاز والمحروقات.
كما أن حصة الفرد من المستوردات يفترض أن تعكس مستوى تأمين حصته الضرورية من الأدوية التي تعتمد بمجمل موادها الفعالة على الاستيراد!
هذا عدا عن حصة الفرد من مستلزمات الغذاء الأساسية كالقمح والزيوت والرز والسكر وغيرها... مستوردات بمقدار 180 دولار وسطياً لكل فرد لا يمكن أن تغطي أبداً كل هذه الحاجات الضرورية، ولذلك فإن الحاجات لا يتم تأمينها، ولا ينبغي للحكومة أن تتفاخر بالتقلص الكبير في كتلة المستوردات اليوم!
إنّ هذا التراجع الكبير في كتلة المستوردات، يعكس النقص الحاد في تأمين الأساسيات وفي النشاط الاقتصادي ويعكس أيضاً التراجع الكبير في استهلاك المواطنين للأساسيات، فوفق الوزير ذاته فإن الإنتاج الغذائي في سوريا يعتمد على الاستيراد بنسبة تتراوح بين 75-80%، وهذه المستوردات القليلة تعكس قلّة في الإنتاج الغذائي حكماً.
كما أنه وفق تصريحاته فإن مجمل المستوردات للقطاع الخاص أصبحت إمّا مستلزمات صناعة بنسبة 60%، أو مستلزمات زراعة بنسبة 12% والباقي أساسيات مثل السكر والرز وغيرها. وهذه التصريحات تعني أيضاً أن تراجع هذه المستوردات يعني تراجع في مدخلا الصناعة والزراعة والأساسيات. أما التراجع في المستوردات الحكومية فهو حكماً نتيجة لتراجع مستوردات الطاقة التي تشلّ حركة الاقتصاد.
أخيراً، التراجع الحاد في المستوردات يدل أيضاً على الحجم الموضوعي لسوق التهريب، فهذه المبالغ القليلة للمستوردات المغطاة بتصريحات الوزارة لا يمكن أن تعكس إلا جزءاً قليلاً من حاجات السوق المحلية التي سيجد لها أصحاب النفوذ مسارباً لتأمين حاجاتها الضرورية وغير الضرورية عبر التهريب.
https://www.facebook.com/QstreetJournal/videos/543797863371312
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: