Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

عاشوراء بين التطبير واللطم.. من أين أتت الفكرة؟

عاشوراء بين التطبير واللطم.. من أين أتت الفكرة؟

خاص/ حسن سنديان 

ما إن تدخل بعض الأحياء في مدينة دمشق، حيث يتواجد أبناء الطائفة الشيعية، إلا وتجد السواد يغطي تلك الأحياء، تعبيراً عن الحزن، مزينةً ببعض الشعارات الدينية، مع بدء أيام محرم، كما ترى بعض المواقف التي تقدم المشاريب والضيافة بهذه المناسبة، التي تسمى "الخيم"، فما ذا تعرف عن هذه الأيام.

بين المباركة والحزن، تختلف الآراء عن يوم عاشوراء، أي العاشر من شهر محرم، فبهذا اليوم أنجى الله فيه موسى من فرعون، و"قُتل" فيه الحسين بن علي حفيد النبي محمد في معركة كربلاء، نرى عادات مثل اللطم وما يسمى "التطبير"؟ فهل تمثل الشيعة برمتهم؟ 

تقول عليا "اسم مستعار"، «أنا لست مع اللطم والتطبير فهو من عادات الجاهلية، وما حدث مع الحسين كان ثورة فكرية، تجسدت بشخصه كمضحي»، مضيفةً «بعض أبناء الطائفة ينسبون اللطم لزينب بنت علي عندما رأت أخاها مقتولاً وأبنائها وأولادها في كربلاء فبدأت بلطم صدرها، فكيف لمثل هذه الإنسانة التي توصف بالمعصومة والعقيلة وإضافةً إلى مرتبتها الدينية، أن تفعل ما حرمه جدها، أنا برأيي كربلاء فكر وليس قتل ودماء فهو انتصار الظالم على المظلوم بالثورة الفكرية، والحزن بالقلب فقط لا بل التطبير أو اللطم أو لبس السواد».

مهدي "أحد أبناء الطائفة الشيعية" في دمشق، يقول «اللطم عادة ونوع من الطقوس التي تمارس في طائفتنا، تماشياً مع آلام الحسين، أو لشدة الحزن والمصيبة التي وقعت على حفيد النبي محمد، فلا مانع منها، إنها لا تسبب الأذية».

وعندما سألناه عن "التطبير" أجاب "مهدي" «هناك فئة قليلة من أبناء سوريا ولبنان يمارسون هذه العادة، منهم يعبرونها بأنها تمثل الاندماج مع آلام الحسين وأبنائه ومنهم من يرى فيها تحريماً وأمراً منافياً للدين»، مضيفاً «تواترت الأحاديث في صحتها، فأنا أرى اللطم تعبيراً عن الحزن فقط». 

 من أين جاء "التطبير" واللطم؟ 

تعود القصة إلى بدء تأسيس الدولة الصفوية عام 1501، بعد غزو المغول، لبلاد فارس "إيران"، لتبدأ هذه العملية على فكرتين التجنيد والأيديلوجية أي "إحياء المراسم، والطقوس الشيعية، وتجنيد مقاتلين لهم عقيدتهم لهذه الدولة، لتبدأ من إيران وتأخذ انتشاراً واسعاً في العراق والشام وتركيا.

هذه الدولة قامت على نشر الفكر الشيعي الاثني عشري، عبر إحياء المراسم والطقوس، وانفتاحها على الغرب، حيث كان يتواجد الفكر المسيحي، بغية تحقيق مكاسب سيادية في المناطق المجاورة، أو ما يعرف آنذاك "بالسياسة". فقام الصفويون بنشر فكرة "الخلوة" عند المسيحيين التي حُرمت حالياً وباتت غير موجودة، حيث تقوم على تعذيب الجسد تماشياً مع آلام المسيح، كي يُشهر الدين وينتشر في أكبر بقعة ممكنة، عندما كان الحكم الكنسي يطغى في كل شيء آنذاك. 

هذه التجربة اعتمدها الصفويون، كون دولتهم مهددة، فبدأوا بإحياء مراسم عاشوراء، عبر المسيرات واللطم، لنشر فكر الدولة الصفوية، من خلال الأيديلوجية، والتجنيد، لصنع مقاتلين، يخدمون الدولة القوية تأثراً بمعركة كربلاء وتضحية الحسين بن علي.

وإلى يومنا هذا، تجسد هذه الفكرة، كما حدث في سوريا وباقي البلدان العربية، ذات الأغلبية الشيعية، والتي يقوم علماؤها على مبدأ إصدار الفتاوى، تخدم إشاعة هذه الطقوس، والتي تطغى على مبدأ الثورة الفكرية في كربلاء، ولكن يعتمد بعض علماء الشيعة أيضاً على مبدأ فكر الحسين، الذي يتجلى بأن يكون بعيداً عن هذه الطقوس والمراسم، ويكون الإحياء في القلوب وتطبيق مدرسة الحسين في المجتمع.

 

 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: