Friday November 1, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

فنزويلا تقتبس التجربة السورية

فنزويلا تقتبس التجربة السورية

فارس الجيرودي

في اقتباس للتجربة السورية أعلن الرئيس الفنزويلي "نيكولاس مادور" عن نية حكومته تشكيل ما أسماه بميليشيا للدفاع الوطني، عبر تأسيس 50 ألف وحدة في مختلف أنحاء فنزويلا، تعمل على تجنيد نحو مليوني مقاتل متطوع بحلول 13 نيسان المقبل، مادورو أعلن عن قراره فيما يتعرض إلى حملة سياسية شرسة من قبل العواصم الغربية، سبقها اجراءات عقابية قاسية ضد الاقتصاد الفنزويلي، دعماً للمعارضين لحكمه في الداخل، و الذين أعلن زعيمهم "خوان غوايدو" تنصيب نفسه رئيساً على البلاد.

ويبدو أن التجربة السورية في مواجهة الحرب الشرسة غير المباشرة التي شنتها واشنطن بمعونة حلفائها الاقليميين منذ 8 سنوات، قد تحولت إلى نموذجٍ تتعلم منه الدول التي تعاديها الولايات المتحدة حول العالم وتعمل على إسقاط حكوماتها، ففي يوم 12 أيلول من العام 2012 عقد في مراكش المغربية مؤتمر ما أسمي بـ"أصدقاء سوريا" حضره حينها ممثلون عن 114 دولة حليفة للولايات المتحدة، وقررت هذه الدول التعاون والتنسيق من أجل تقديم كل الدعم المالي والتسليحي والأعلامي والاستخباراتي للمجموعات المسلحة التي تقاتل الحكومة السورية، كذلك قررت فرض أجراءات عقابية تشمل المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية مع دمشق.

وفي خطوة شبيهة تكاد تصل لحد التطابق قامت الولايات المتحدة الأمريكية في آب من العام 2017 بتشكيل تحالف سياسي مما سمي بـ"مجموعة دول ليما"  التي تضم 14 دولة من دول أمريكا اللاتينية وكندا، حيث أعلنت هذه الدول عدم اعترافها بالولاية الجديدة للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وبدأت باجراءات عقابية اقتصادية تجاه بلاده.

ورغم أن تجربة الدفاع الوطني في سوريا لم تكن خالية من السلبيات، فقد رافقها دخول ظواهر سلبية إلى الساحة السورية كظاهرة "التعفيش"، إذ من الصعب ضبط تصرفات عناصر مقاتلة غير نظامية تقاتل في مناطق مدنية، لكن مع ذلك كان للدفاع الوطني دور حاسمٌ في الحرب السورية، فالجيوش النظامية مخصصة لمقاتلة جيوش نظامية تماثلها في جبهات ثابتة ومحددة، فيما اعتمدت الخطة الهادفة لاسقاط الدولة السورية على دعم عناصر غير نظامية محلية ودعمها بمقاتلي تنظيم القاعدة القادمين من أنحاء الأرض، من أجل خوض حرب عصابات على كامل مساحة الأرض السورية، وتقول المعلومات أن تلك الجماعات المسلحة وصلت في مرحلة من المراحل إلى فتح أكثر من مئة جبهة ونقطة اشتباك مع الجيش السوري، لذلك استلزمت مواجهة الأسلوب المبتكر في الحرب التي شُنَت على سوريا، ابتكار أساليب مضادة غير تقليدية.

 و تقول صحيفة الـ"واشنطن بوست" أن فكرة تشكيل ميليشيات الدفاع الوطني في سوريا كانت فكرةً ناجحةً، أدت دوراً حاسماً في تحسين الوضع العسكري للقوات السورية بدءاً من صيف 2012، عندما كان أكثر المحللين السياسيين حول العالم يتوقعون سقوطاً قريباً لحكومة دمشق، حيث شاركت هذه القوات في معارك حاسمة مثل معركة القصير 2013 ، وفي الحملات العسكرية المتتالية الهادفة لمنع الجماعات المسلحة في الغوطة من تطويق دمشق وقطع الطريق إلى مطارها الدولي، كما أدت دوراً مفصلياً في صد الهجوم على ريف اللاذقية والذي شنته عناصر شيشانية وتركمانستانية عام 2013، كما كان لها دور حاسم في معارك القلمون و فك الحصار عن حلب، وعن دير الزور.

بالنتيجة تبدو التجربة السورية نموذجا قابلاً للاقتباس بالنسبة لكل دولةٍ تريد تحدي القرار الأمريكي بالتدخل في شؤونها الداخلية، فلأن الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيين يتفوقون بمراحل من حيث الموارد والحلفاء والجيوش الكلاسيكيّة وميليشيات المرتزقة التي يمكن تجنيدها بالمال أو عبرعمليات غسل الدماغ، فإن هذا يفسر لماذا تحتاج أي دولة نامية تريد المحافظة على استقلالها إلى حركة شعبية مسلحة ، فدون أن تستند على «رأسمال» في المجتمع، وإلى شعبٍ مستعدٍّ للقتال والتضحية عن قناعة، فإنها ستُهزم حتماً ولن تقدر على مواجهة قرارٍ غربيٍ بإسقاطها.

 

 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: