Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

محكومون بالقوالب!

محكومون بالقوالب!

جوان ملا

 

في أي مهنة تحتاج إلى الابتكار، التجديد والتطوير، نسمع عبارة من مدرائنا تقول: "فكروا خارج الصندوق"، لنسعى إلى تحسين سوية العمل وأنفسنا.

نشأنا في بلدان عربية تعتمد في إعلاناتها التجارية ذات الأسلوب الهزلي، الذي يستند على أغنية مشهورة في إصدار دعاية علكة أو مصاصة!، نحن في بلدان تدرّس نفس المناهج التي لا تعتمد على أي تدريب عملي والذي إن وُجِد يكون قديماً ومعلوماته قد أكل عليها الدهر وشرب، فحتى كتب المدرسة تتجدد معلوماتها كل عشر سنوات، هذا إن جُدِّدَت.

ليس لدينا فعاليات تنعش ذكاء الأطفال، ولا يستطيع المواطن أن يشتري لابنه لعبة تعليمية لغلاء ثمنها، فتوفير المال لإطعامه أولى، لا يمنح أحدٌ حقاً للشباب في أن يبرزوا مواهبهم أو يظهروها للعلن، أو أن يدخلوا فروعاً جامعية يختارونها كي يبدعوا فيها، وليس لدى المواطن العربي الوقت لكي يفكر، فهو بحاجة أن يسعى نحو المال، كي يحيا حياةً كريمة بعض الشيء.

يقضي الإنسان حياته في أوطاننا باحثاً عن رزق حلال، فيدور في دوامة العمل الإلزامي، قد يكون حاصلاً على شهادة جامعية لكنه يغسل الصحون وراء "المَجلى" أو يكنس الأرض، أو يسعى لحل مشكلة الخدمة الإلزامية، لا وقت لديه للابتكار، ليس لديه متسع للاختراع، فالنهار عبارة عن 24 ساعة، والضغوط أكبر من أن تزول في هذه الساعات القصيرة.

حياتنا عبارة عن سعي وجري سريع وراء أوراق الدوائر الرسمية، من أوراق التقاعد والتسجيل في الجامعات، وتحصيل الغاز، والمازوت، والكهرباء، وتثبيت الدعاوى، ودواء الصيدلية، ومساعدة الأب المتعب أو الأم المنهكة قواها في أعمال البيت، عداك عن الحروب والهرب من الموت، والبحث عن السفر، وجواز السفر، وبلدٍ ترضى باستقبالنا أصلاً.

نحن محكومون بقوالب محددة تلقفناها منذ زمن، لا مجال للخروج منها، سماؤنا ضيقة، وأفقنا محدود، نستيقظ باكراً كي نسلب من الشمس نشاطها فتسرق منا وقتنا وتغيب دون أن تودّعنا أو نودعها.

قولوا لمدرائكم إننا منذ طفولتنا لا نعرف للصندوق مكاناً، فنحن دوماً كنا في داخله.

 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: